بين المقام معه ، وبين مفارقتهن له حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخيير أزواجه
ثبت في " الصحيحين " عن ( رضي الله عنها قالت : عائشة ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ) [ الأحزاب : 28 ] ، فقلت في هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة . قالت : ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت ، فلم يكن ذلك طلاقا عائشة ) لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه ، بدأ بي ، فقال : إني ذاكر لك أمرا ، فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك . قالت : وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه ، ثم قرأ (
[ ص: 262 ] قال ربيعة : فاختارت واحدة منهن نفسها فذهبت وكانت البتة . قال وابن شهاب : وكانت بدوية . قال ابن شهاب وهي عمرو بن شعيب : ابنة الضحاك العامرية ، رجعت إلى أهلها ، وقال ابن حبيب : قد كان دخل بها . انتهى .
وقيل لم يدخل بها ، وكانت تلتقط بعد ذلك البعر ، وتقول أنا الشقية .
واختلف الناس في هذا التخيير ، في موضعين . أحدهما : في أي شيء كان ؟ والثاني : في حكمه ، فأما الأول ، فالذي عليه الجمهور أنه كان بين المقام معه والفراق ، وذكر عبد الرزاق في " مصنفه " عن الحسن ، أن الله تعالى إنما خيرهن بين الدنيا والآخرة ، ولم يخيرهن في الطلاق ، وسياق القرآن ، وقول رضي الله عنه يرد قوله ، ولا ريب أنه سبحانه خيرهن بين الله ورسوله ، والدار الآخرة وبين الحياة الدنيا وزينتها ، وجعل موجب اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة المقام مع رسوله ، وموجب اختيارهن الدنيا وزينتها أن يمتعهن ويسرحهن سراحا جميلا ، وهو الطلاق بلا شك ولا نزاع . عائشة