فصل 
وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - ألا يدفن الميت عند طلوع الشمس ، ولا عند غروبها  ، ولا حين يقوم قائم الظهيرة . وكان من هديه اللحد وتعميق القبر  وتوسيعه من  [ ص: 503 ] عند رأس الميت ورجليه ، ويذكر عنه أنه كان إذا وضع الميت في القبر قال : ( بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله  )   . وفي رواية : ( بسم الله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملة رسول الله  ) . 
ويذكر عنه أيضا أنه كان يحثو التراب على قبر الميت  إذا دفن من قبل رأسه ثلاثا . 
وكان إذا فرغ من دفن الميت قام على قبره هو وأصحابه ، وسأل له التثبيت ، وأمرهم أن يسألوا له التثبيت . 
ولم يكن يجلس يقرأ عند القبر ، ولا يلقن الميت  كما يفعله الناس اليوم ، وأما الحديث الذي رواه  الطبراني  في " معجمه " من حديث أبي أمامة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره ، فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل : يا فلان فإنه يسمعه ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يستوي قاعدا ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يقول : أرشدنا يرحمك الله  [ ص: 504 ] ولكن لا تشعرون ، ثم يقول : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد  نبيا ، وبالقرآن إماما ، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته ، فيكون الله حجيجه دونهما . فقال رجل : يا رسول الله ! فإن لم يعرف أمه ؟ قال : فينسبه إلىحواء   : يا فلان بن حواء   ) . فهذا حديث لا يصح رفعه ، ولكن قال الأثرم   : قلت لأبي عبد الله   : فهذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ، ويقول : يا فلان بن فلانة ، اذكر ما فارقت عليه الدنيا : شهادة أن لا إله إلا الله . فقال ما رأيت أحدا فعل هذا إلا أهل الشام  ، حين مات أبو المغيرة  ، جاء إنسان فقال ذلك ، وكان أبو المغيرة  يروي فيه عن  أبي بكر بن أبي مريم  ، عن أشياخهم ، أنهم كانوا يفعلونه ، وكان ابن عياش  يروي فيه . 
قلت : يريد حديث  إسماعيل بن عياش  ، هذا الذي رواه  الطبراني  عن أبي أمامة   . 
وقد ذكر  سعيد بن منصور  في " سننه " عن  راشد بن سعد  ، وضمرة بن حبيب  ، وحكيم بن عمير  ، قالوا : إذا سوي على الميت قبره ، وانصرف الناس عنه ، فكانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان ! قل : لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات ، يا فلان ! قل : ربي الله وديني الإسلام ، نبيي محمد  ، ثم ينصرف  . 
				
						
						
