فصل
في مبعثه صلى الله عليه وسلم وأول ما نزل عليه
بعثه الله على رأس أربعين وهي سن الكمال . قيل : ولها تبعث الرسل ، وأما المسيح أنه رفع إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه . ما يذكر عن
( ) . قيل : وكان ذلك ستة أشهر ، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة ، فهذه وأول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر النبوة الرؤيا ، فكان لا يرى رؤيا إلا [ ص: 83 ] جاءت مثل فلق الصبح ، والله أعلم . الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة
ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة ، فجاءه الملك وهو بغار حراء ، وكان يحب الخلوة فيه ، فأول ما أنزل عليه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] هذا قول والجمهور . عائشة
وقال جابر : أول ما أنزل عليه ( ياأيها المدثر ) .
والصحيح قول لوجوه : عائشة
أحدها : أن قوله : ما أنا بقارئ ، صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئا .
الثاني : الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار ، فإنه إذا قرأ في نفسه أنذر بما قرأه ، فأمره بالقراءة أولا ، ثم بالإنذار بما قرأه ثانيا .
الثالث : أن حديث جابر ، وقوله : ( أول ما أنزل من القرآن ياأيها المدثر ) قول جابر ، أخبرت عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك . وعائشة
[ ص: 84 ] الرابع : أن حديث جابر الذي احتج به صريح في أنه قد تقدم نزول الملك عليه أولا قبل نزول ( ياأيها المدثر ) فإنه قال : فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء ، فرجعت إلى أهلي فقلت : زملوني دثروني ، فأنزل الله ( ياأيها المدثر ) وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) فدل حديث جابر على تأخر نزول ( ياأيها المدثر ) والحجة في روايته لا في رأيه ، والله أعلم .