فإن قيل : كيف تدعون إجماع الصحابة وجماهير الأمة وقد صح عن رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب ثلاثة أشهر ، وصح ذلك عن عدة الأمة التي لم تبلغ ، عمر بن عبد العزيز ومجاهد ، والحسن ، وربيعة ، [ ص: 582 ] والليث بن سعد ، والزهري وبكر بن الأشج ، ومالك ، وأصحابه ، في إحدى الروايات عنه . وأحمد بن حنبل
ومعلوم أن فدل على أن بدلها في حقها ثلاثة . الأشهر في حق الآيسة والصغيرة بدل عن الأقراء الثلاث
فالجواب أن القائلين بهذا هم بأنفسهم القائلون إن عدتها حيضتان وقد أفتوا بهذا ، وهذا ولهم في الاعتداد بالأشهر ثلاثة أقوال وهي وهي ثلاث روايات عن للشافعي أحمد . فأكثر الروايات عنه أنها شهران رواه عنه جماعة من أصحابه ، وهو إحدى الروايتين عن رضي الله عنه ذكرها عمر بن الخطاب الأثرم وغيره عنه .
وحجة هذا القول أن عدتها بالأقراء حيضتان فجعل كل شهر مكان حيضة .
والقول الثاني : إن عدتها شهر ونصف نقلها عنه الأثرم والميموني ، وهذا قول علي بن أبي طالب وابن عمر وابن المسيب ، وأبي حنيفة في أحد أقواله . وحجته أن التنصيف في الأشهر ممكن فتنصفت بخلاف القروء . ونظير هذا : أن والشافعي . المحرم إذا وجب عليه في جزاء الصيد نصف مد أخرجه فإن أراد الصيام مكانه لم يجزه إلا صوم يوم كامل
والقول الثالث : أن عدتها ثلاثة أشهر كوامل ، وهو إحدى الروايتين عن عمر رضي الله عنه وقول ثالث ، وهو فيمن ذكرتموه . للشافعي
والفرق عند هؤلاء بين اعتدادها بالأقراء وبين اعتدادها بالشهور ، أن الاعتبار بالشهور للعلم ببراءة رحمها ، وهو لا يحصل بدون ثلاثة أشهر في حق الحرة والأمة جميعا ؛ لأن الحمل يكون نطفة أربعين يوما ، ثم علقة أربعين ، ثم مضغة أربعين ، وهو الطور الثالث الذي يمكن أن يظهر فيه الحمل ، وهو بالنسبة إلى الحرة والأمة سواء بخلاف الأقراء ، فإن الحيضة الواحدة علم ظاهر على [ ص: 583 ] الاستبراء ، ولهذا اكتفي بها في حق المملوكة ، فإذا زوجت فقد أخذت شبها من الحرائر وصارت أشرف من ملك اليمين ، فجعلت عدتها بين العدتين .
قال الشيخ في " المغني " : ومن رد هذا القول قال : هو مخالف لإجماع الصحابة لأنهم اختلفوا على القولين الأولين ، ومتى اختلفوا على قولين لم يجز إحداث قول ثالث ؛ لأنه يفضي إلى تخطئتهم وخروج الحق عن قول جميعهم .
قلت : وليس في هذا إحداث قول ثالث بل هو إحدى الروايتين عن عمر ، ذكرها ابن وهب وغيره ، وقال به من التابعين من ذكرناهم وغيرهم .