وقد تضمنت هذه السنة أحكاما عديدة . أحدها : أنه لا يجوز الإحداد على ميت فوق ثلاثة  أيام كائنا من كان إلا الزوج وحده . 
وتضمن الحديث الفرق بين الإحدادين من وجهين . 
أحدهما : من جهة الوجوب والجواز ، فإن الإحداد على الزوج  واجب وعلى غيره جائز . 
الثاني : من مقدار مدة الإحداد  ، فالإحداد على الزوج عزيمة وعلى غيره رخصة ، وأجمعت الأمة على وجوبه على المتوفى عنها زوجها إلا ما حكي عن الحسن   والحكم بن عتيبة   . 
أما الحسن  فروى  حماد بن سلمة  ، عن حميد  عنه ( أن المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها زوجها تكتحلان وتمتشطان وتتطيبان وتختضبان وتنتقلان وتصنعان ما شاءتا ) وأما الحكم  فذكر عنه شعبة   : ( أن المتوفى عنها لا تحد ) 
قال  ابن حزم   : واحتج أهل هذه المقالة ، ثم ساق من طريق أبي الحسن محمد بن عبد السلام  حدثنا  محمد بن بشار  حدثنا  محمد بن جعفر  حدثنا شعبة  حدثنا  الحكم بن عتيبة  ، عن  عبد الله بن شداد بن الهاد  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 619 ] قال لامرأة  جعفر بن أبي طالب   : ( إذا كان ثلاثة أيام فالبسي ما شئت ، أو إذا كان بعد ثلاثة أيام  ) شعبة  شك . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  حدثنا  الحجاج بن أرطاة  ، عن  الحسن بن سعد  ، عن  عبد الله بن شداد   ( أن  أسماء بنت عميس  استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تبكي على جعفر  وهي امرأته فأذن لها ثلاثة أيام ، ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام أن تطهري واكتحلي  ) 
قالوا : وهذا ناسخ لأحاديث الإحداد لأنه بعدها ، فإن  أم سلمة  رضي الله عنها روت حديث الإحداد وأنه صلى الله عليه وسلم أمرها به إثر موت أبي سلمة  ، ولا خلاف أن موت أبي سلمة  كان قبل موت جعفر  رضي الله عنهما . 
وأجاب الناس عن ذلك بأن هذا حديث منقطع ، فإن  عبد الله بن شداد بن الهاد  لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه ، فكيف يقدم حديثه على الأحاديث الصحيحة المسندة التي لا مطعن فيها ؟ وفي الحديث الثاني :  الحجاج بن أرطاة  ، ولا يعارض بحديثه حديث الأئمة الأثبات الذين هم فرسان الحديث . 
				
						
						
