وليس بعجيب منه تحريم لبس ثوب أسود عليها من الزينة في شيء ، وإباحة ثوب يتقد ذهبا ولؤلؤا وجوهرا ، ولا تحريم المصبوغ الغليظ لحمل الوسخ ،  [ ص: 629 ] وإباحة الحرير الذي يأخذ بالعيون حسنه وبهاؤه ورواؤه ، وإنما العجب منه أن يقول هذا دين الله في نفس الأمر وأنه لا يحل لأحد خلافه . 
وأعجب من هذا إقدامه على خلاف الحديث الصحيح في نهيه صلى الله عليه وسلم لها عن لباس الحلي   . 
وأعجب من هذا أنه ذكر الخبر بذلك ، ثم قال ، ولا يصح ذلك لأنه من رواية  إبراهيم بن طهمان  ، وهو ضعيف ، ولو صح لقلنا به ، فلله ما لقي  إبراهيم بن طهمان  من  أبي محمد بن حزم  ، وهو من الحفاظ الأثبات الثقات الذين اتفق الأئمة الستة على إخراج حديثه واتفق أصحاب الصحيح وفيهم الشيخان على الاحتجاج بحديثه وشهد له الأئمة بالثقة والصدق ، ولم يحفظ عن أحد منهم فيه جرح ، ولا خدش ، ولا يحفظ عن أحد من المحدثين قط تعليل حديث رواه ، ولا تضعيفه به . 
وقرئ على شيخنا أبي الحجاج الحافظ  في " التهذيب " وأنا أسمع قال : إبراهيم بن طهمان بن سعيد الخراساني  أبو سعيد الهروي ولد بهراة وسكن نيسابور  وقدم بغداد  وحدث بها ، ثم سكن بمكة  حتى مات بها ، ثم ذكر عمن روى ومن روى عنه ، ثم قال : قال نوح بن عمرو بن المروزي  ، عن سفيان بن عبد الملك  ، عن  ابن المبارك   : صحيح الحديث ، وقال  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، عن أبيه وأبي حاتم   : ثقة ، وقال  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، عن  يحيى بن معين   : لا بأس به وكذلك قال العجلي  ، وقال أبو حاتم   : صدوق حسن الحديث ، وقال  عثمان بن سعيد الدارمي   : كان ثقة في الحديث ، ثم لم تزل الأئمة يشتهون حديثه ويرغبون فيه ويوثقونه . 
وقال أبو داود   : ثقة . وقال  إسحاق بن راهويه   : كان صحيح الحديث حسن الرواية كثير السماع ما كان بخراسان  أكثر حديثا منه ، وهو ثقة وروى له الجماعة . 
وقال  يحيى بن أكثم القاضي   : كان من أنبل من حدث بخراسان  والعراق  والحجاز  وأوثقهم وأوسعهم علما . 
وقال المسعودي   : سمعت مالك بن سليمان  يقول مات  إبراهيم بن طهمان  سنة ثمان وستين ومائة بمكة  ولم يخلف مثله . 
 [ ص: 630 ] وقد أفتى الصحابة رضي الله عنهم بما هو مطابق لهذه النصوص وكاشف عن معناها ومقصودها ، فصح عن  ابن عمر  أنه قال ( لا تكتحل ، ولا تتطيب ، ولا تختضب ، ولا تلبس المعصفر ، ولا ثوبا مصبوغا ، ولا بردا ، ولا تتزين بحلي ، ولا تلبس شيئا تريد به الزينة ، ولا تكتحل بكحل تريد به الزينة إلا أن تشتكي عينها  ) 
وصح عنه من طريق عبد الرزاق  ، عن  سفيان الثوري  ، عن  عبيد الله بن عمر  ، عن نافع  ، عن  ابن عمر   : ( ، ولا تمس المتوفى عنها طيبا ، ولا تختضب ، ولا تكتحل ، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب تتجلبب به  ) 
وصح عن  أم عطية   : ( لا تلبس الثياب المصبغة إلا العصب ، ولا تمس طيبا إلا أدنى الطيب بالقسط والأظفار ، ولا تكتحل بكحل زينة ) 
وصح عن  ابن عباس  رضي الله عنه أنه قال ( تجتنب الطيب والزينة ) 
وصح عن  أم سلمة  رضي الله عنها : ( لا تلبس من الثياب المصبغة شيئا ، ولا تكتحل ، ولا تلبس حليا ، ولا تختضب ، ولا تتطيب ) 
وقالت  عائشة  أم المؤمنين رضي الله عنها : ( لا تلبس معصفرا ، ولا تقرب طيبا وتكتحل وتلبس حليا وتلبس إن شاءت ثياب العصب ) 
				
						
						
