فإن قيل : فهل له منعه من دخول ملكه ، وهل يجوز دخوله في ملكه بغير إذنه ؟
قيل : قد قال بعض أصحابنا : لا يجوز له دخول ملكه لأخذ ذلك بغير إذنه ، وهذا لا أصل له في كلام الشارع ، ولا في كلام ، بل قد نص أحمد على جواز الإمام أحمد مع أن الأرض ليست مملوكة له ولا مستأجرة ، ودخولها لغير الرعي ممنوع منه . فالصواب أنه [ ص: 713 ] يجوز له دخولها لأخذ ما له أخذه ، وقد يتعذر عليه غالبا استئذان مالكها ، ويكون قد احتاج إلى الشرب وسقي بهائمه ، ورعي الكلأ ، ومالك الأرض غائب ، فلو منعناه من دخولها إلا بإذنه كان في ذلك إضرار ببهائمه . الرعي في أرض غير مباحة
وأيضا فإنه لا فائدة لهذا الإذن ؛ لأنه ليس لصاحب الأرض منعه من الدخول ، بل يجب عليه تمكينه ، فغاية ما يقدر أنه لم يأذن له ، وهذا حرام عليه شرعا لا يحل له منعه من الدخول ، فلا فائدة في توقف دخوله على الإذن .
وأيضا فإنه إذا لم يتمكن من أخذ حقه الذي جعله له الشارع إلا بالدخول ، فهو مأذون فيه شرعا ، بل لو كان دخوله بغير إذنه لغيرة على حريمه وعلى أهله فلا يجوز له الدخول بغير إذن ، فأما إذا كان في الصحراء ، أو ، وقد قال الله تعالى : ( دار فيها بئر ولا أنيس بها ، فله الدخول بإذن وغيره ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم ) [ النور : 29 ] ، وهذا الدخول الذي رفع عنه الجناح هو الدخول بلا إذن ، فإنه قد منعهم قبل من الدخول لغير بيوتهم حتى يستأنسوا ويسلموا على أهلها ، والاستئناس هنا : الاستئذان ، وهي في قراءة بعض السلف كذلك ، ثم رفع عنهم الجناح في ، فدل ذلك على جواز دخول البيوت غير المسكونة لأخذ متاعهم ، فهذا ظاهر القرآن ، وهو مقتضى نص الدخول إلى بيت غيره وأرضه غير المسكونة ، لأخذ حقه من الماء والكلأ أحمد وبالله التوفيق .