والذين خالفوا هذه الأحاديث لهم أعذار .
العذر الأول : أنها منسوخة .
العذر الثاني : أنها مخصوصة بالصحابة ، لا يجوز لغيرهم مشاركتهم في حكمها .
العذر الثالث : معارضتها بما يدل على خلاف حكمها ، وهذا مجموع ما اعتذروا به عنها .
ونحن نذكر هذه الأعذار عذرا عذرا ، ونبين ما فيها بمعونة الله وتوفيقه .
أما العذر الأول ، وهو النسخ ، فيحتاج إلى أربعة أمور لم يأتوا منها بشيء يحتاج إلى نصوص أخر ، تكون تلك النصوص معارضة لهذه ، ثم تكون مع هذه المعارضة مقاومة لها ، ثم يثبت تأخرها عنها .
قال المدعون للنسخ : قال عمر بن الخطاب السجستاني : حدثنا ، حدثنا الفريابي أبان بن أبي حازم ، قال : حدثني أبو بكر بن حفص ، عن ، ( ابن عمر رضي الله عنه أنه قال لما ولي : " يا أيها الناس ، إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أحل لنا [ ص: 175 ] المتعة ثم حرمها علينا عمر بن الخطاب ) ، رواه عن في " مسنده " عنه . البزار
قال المبيحون للفسخ : عجبا لكم في مقاومة الجبال الرواسي التي لا تزعزعها الرياح بكثيب مهيل تسفيه الرياح يمينا وشمالا ، فهذا الحديث لا سند ولا متن ، أما سنده فإنه لا تقوم به حجة علينا عند أهل الحديث ، وأما متنه فإن المراد بالمتعة فيه التي أحلها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم حرمها ، لا يجوز فيها غير ذلك البتة لوجوه . متعة النساء
أحدها : إجماع الأمة على أن غير محرمة ، بل إما واجبة ، أو أفضل الأنساك على الإطلاق ، أو مستحبة أو جائزة ، ولا نعلم للأمة قولا خامسا فيها بالتحريم . متعة الحج
الثاني : ( - رضي الله عنه - صح عنه من غير وجه ، أنه قال : لو حججت لتمتعت ، ثم لو حججت لتمتعت عمر بن الخطاب ) ، ذكره أن الأثرم في " سننه " وغيره .
وذكر عبد الرزاق في " مصنفه " : عن ، أنه سئل أنهى سالم بن عبد الله عمر عن متعة الحج ؟ قال : لا ، أبعد كتاب الله تعالى ؟ وذكر عن نافع أن رجلا قال له : أنهى عمر عن متعة الحج ؟ قال لا . وذكر أيضا ( عن ، أنه قال : هذا الذي يزعمون أنه نهى عن المتعة ، - يعني ابن عباس عمر - سمعته يقول : لو اعتمرت ، ثم حججت لتمتعت ) .
قال : صح عن أبو محمد بن حزم عمر الرجوع إلى القول بالتمتع بعد النهي عنه ، وهذا محال أن يرجع إلى القول بما صح عنده أنه منسوخ .
الثالث : أنه من المحال أن ينهى عنها ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله : هل هي لعامهم ذلك أم للأبد ؟ فقال : " بل للأبد " ، وهذا قطع لتوهم ورود النسخ عليها . [ ص: 176 ] وهذا أحد الأحكام التي يستحيل ورود النسخ عليها ، وهو الحكم الذي أخبر الصادق المصدوق باستمراره ودوامه ، فإنه لا خلف لخبره .