فصل
وأما ما في حديث أبي الأسود ، عن عروة من فعل أبي بكر ، وعمر ، والمهاجرين ، والأنصار ، ، فقد أجابه وابن عمر ، فأحسن جوابه [ ص: 191 ] فيكتفى بجوابه . ابن عباس
فروى ، عن الأعمش فضيل بن عمرو ، عن ، سعيد بن جبير ، تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن عباس عروة : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة . فقال : أراكم ستهلكون أقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول : قال ابن عباس أبو بكر وعمر . عن
وقال عبد الرازق : حدثنا معمر ، عن أيوب قال : عروة : ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟ فقال لابن عباس : سل أمك يا عرية. فقال ابن عباس عروة : أما أبو بكر وعمر ، فلم يفعلا ، فقال : والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحدثونا عن ابن عباس أبي بكر وعمر ؟ فقال عروة : لهما أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأتبع لها منك . قال
وأخرج ، عن أبو مسلم الكجي ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب السختياني ، عن ابن أبي مليكة ، ( عروة بن الزبير عروة : فإن أبا بكر وعمر لم يفعلا ذلك قال الرجل : من هاهنا هلكتم ، ما أرى الله عز وجل إلا سيعذبكم إني أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتخبروني بأبي بكر وعمر . قال عروة إنهما والله كانا أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك ، فسكت الرجل ) . قال لرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تأمر الناس بالعمرة في هؤلاء العشر وليس فيها عمرة ؟! قال : أولا تسأل أمك عن ذلك ؟ قال
[ ص: 192 ] ثم أجاب أبو محمد بن حزم عروة عن قوله هذا ، بجواب نذكره ، ونذكر جوابا أحسن منه لشيخنا .
قال أبو محمد ونحن نقول لعروة : أعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ابن عباس وبأبي بكر وعمر منك ، وخير منك ، وأولى بهم ثلاثتهم منك ، لا يشك في ذلك . مسلم ، أعلم وأصدق منك . ثم ساق من طريق وعائشة أم المؤمنين ، عن أبي الثوري عن إسحاق السبيعي عبد الله قال : قالت : من استعمل على الموسم ؟ قالوا : عائشة قالت هو أعلم الناس بالحج . ابن عباس
قال أبو محمد مع أنه قد روي عنها خلاف ما قاله عروة ، ومن هو خير من عروة وأفضل ، وأعلم ، وأصدق ، وأوثق . ثم ساق من طريق ، عن البزار الأشج ، عن ، عن عبد الله بن إدريس الأودي ليث ، عن عطاء ، وطاووس ، عن : ابن عباس وأبو بكر ، وعمر وأول من نهى عنها معاوية . تمتع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
ومن طريق عبد الرزاق ، عن ، عن الثوري ليث ، عن ، عن طاووس : ابن عباس وأبو بكر . حتى مات ، وعمر ، وعثمان كذلك وأول من نهى عنها ، معاوية . تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قلت : حديث هذا ، رواه ابن عباس في " المسند " الإمام أحمد . وقال حديث حسن . والترمذي
وذكر عبد الرزاق ، قال حدثنا معمر عن ابن طاووس ، عن أبيه قال : قال ، أبي بن كعب وأبو موسى : ألا تقوم فتبين للناس أمر هذه المتعة ؟ فقال لعمر بن الخطاب عمر : وهل بقي أحد إلا وقد علمها ، أما أنا فأفعلها .
[ ص: 193 ] وذكر ، حدثنا علي بن عبد العزيز البغوي ، قال حدثنا حجاج بن المنهال ، عن حماد بن سلمة ، أو حماد بن أبي سليمان حميد ، عن الحسن أن عمر أراد أن يأخذ مال الكعبة ، وقال : الكعبة غنية عن ذلك المال ، وأراد أن ينهى أهل اليمن أن يصبغوا بالبول وأراد أن ينهى عن فقال متعة الحج : قد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هذا المال وبه وبأصحابه الحاجة إليه ، فلم يأخذه ، وأنت فلا تأخذه ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يلبسون الثياب اليمانية ، فلم ينه عنها ، وقد علم أنها تصبغ بالبول ، وقد تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينه عنها ، ولم ينزل الله تعالى فيها نهيا أبي بن كعب .
وقد تقدم قول عمر : لو اعتمرت في وسط السنة ، ثم حججت ، لتمتعت ، ولو حججت خمسين حجة ، لتمتعت . ورواه ، عن حماد بن سلمة قيس ، عن ، عن طاووس ، عنه لو اعتمرت في سنة مرتين ، ثم حججت ، لجعلت مع حجتي عمرة . ابن عباس
، عن والثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن طاووس ، عنه لو اعتمرت ، ثم اعتمرت ، ثم حججت ، لتمتعت . ابن عباس : عن وابن عيينة هشام بن حجير ، وليث ، عن عن طاووس ، قال : هذا الذي يزعمون أنه نهى عن المتعة - يعني ابن عباس عمر - سمعته يقول : لو اعتمرت ، ثم حججت ؛ لتمتعت . قال : كذا وكذا مرة ما تمت حجة رجل قط إلا بمتعة . ابن عباس
وأما الجواب الذي ذكره شيخنا ، فهو أن عمر - رضي الله عنه - لم ينه عن المتعة البتة ، وإنما قال : إن أتم لحجكم ، وعمرتكم أن تفصلوا بينهما ، فاختار عمر لهم أفضل الأمور ، وهو إفراد كل واحد منهما بسفر ينشئه له من بلده ، وهذا أفضل من القران والتمتع الخاص بدون سفرة أخرى ، وقد نص على ذلك أحمد ، ، وأبو [ ص: 194 ] حنيفة ومالك ، - رحمهم الله تعالى - وغيرهم . وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكر والشافعي وعمر رضي الله عنهما ، وكان عمر يختاره للناس ، وكذلك علي - رضي الله عنهما - .
وقال عمر وعلي - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) [ البقرة 196 ] قالا : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ، وقد في عمرتها : أجرك على قدر نصبك لعائشة فإذا قال - صلى الله عليه وسلم - فهاهنا قد أتى بكل واحد من النسكين من دويرة أهله ، وهذا إتيان بهما على الكمال ، فهو أفضل من غيره . رجع الحاج إلى [ ص: 195 ] دويرة أهله ، فأنشأ العمرة منها ، واعتمر قبل أشهر الحج ، وأقام حتى يحج أو اعتمر في أشهره ، ورجع إلى أهله ، ثم حج
قلت : فهذا الذي اختاره عمر للناس ، فظن من غلط منهم أنه نهى عن المتعة ، ثم منهم من حمل نهيه على متعة الفسخ ، ومنهم من حمله على ترك الأولى ترجيحا للإفراد عليه ، ومنهم من عارض روايات النهي عنه بروايات الاستحباب وقد ذكرناها ، ومنهم من جعل في ذلك روايتين عن عمر ، كما عنه روايتان في غيرهما من المسائل ، ومنهم من جعل النهي قولا قديما ، ورجع عنه أخيرا ، كما سلك ، ومنهم من يعد النهي رأيا رآه من عنده لكراهته أن يظل الحاج معرسين بنسائهم في ظل الأراك . أبو محمد بن حزم
قال : عن أبو حنيفة حماد ، عن ، عن إبراهيم النخعي قال : بينما أنا واقف مع الأسود بن يزيد عمر بن الخطاب بعرفة عشية عرفة ، فإذا هو برجل مرجل شعره يفوح منه ريح الطيب ، فقال له عمر : أمحرم أنت ؟ قال نعم . فقال عمر : ما هيئتك بهيئة محرم إنما المحرم الأشعث الأغبر الأدفر . قال إني قدمت متمتعا ، وكان معي أهلي ، وإنما أحرمت اليوم . فقال عمر عند ذلك لا تتمتعوا في هذه الأيام فإني لو رخصت في المتعة لهم ، لعرسوا بهن في الأراك ، ثم راحوا بهن حجاجا . وهذا يبين ، أن هذا من عمر رأي رآه .
قال : فكان ماذا ؟ وحبذا ذلك ؟ وقد طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - على نسائه ، ثم أصبح محرما ، ولا خلاف أن ابن حزم بطرفة عين والله أعلم . الوطء مباح قبل الإحرام