فصل 
ومنها : وهم من زعم أنه لم يسرع في وادي محسر  حين أفاض من جمع إلى منى   ، وأن ذلك إنما هو فعل الأعراب ، ومستند هذا الوهم قول  ابن عباس   : إنما كان بدء الإيضاع من قبل أهل البادية كانوا يقفون حافتي الناس حتى قد علقوا القعاب والعصي والجعاب ، فإذا أفاضوا تقعقعت تلك ، فنفروا بالناس ، ولقد رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن ذفري ناقته ليمس حاركها ، وهو يقول : ( يأيها الناس عليكم السكينة  ) ، وفي رواية : ( إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل ، فعليكم بالسكينة ، فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى   ) رواه أبو داود   " . ولذلك أنكره  طاووس   والشعبي  ، قال  الشعبي   : حدثني  أسامة بن زيد  أنه أفاض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة  ، فلم ترفع راحلته رجلها عادية حتى بلغ جمعا  . قال : وحدثني  الفضل بن عباس  أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع ، فلم ترفع راحلته رجلها عادية حتى رمى الجمرة  . وقال عطاء   : إنما أحدث هؤلاء الإسراع ،  [ ص: 284 ] يريدون أن يفوتوا الغبار . 
ومنشأ هذا الوهم اشتباه الإيضاع وقت الدفع من عرفة  الذي يفعله الأعراب ، وجفاة الناس بالإيضاع في وادي محسر  ، فإن الإيضاع هناك بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل نهى عنه ، والإيضاع في وادي محسر  سنة نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر  ،  وعلي بن أبي طالب  ،  والعباس بن عبد المطلب  رضي الله عنهم ، وفعله  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، وكان ابن الزبير  يوضع أشد الإيضاع ، وفعلته  عائشة  وغيرهم من الصحابة ، والقول في هذا قول من أثبت لا قول من نفى . والله أعلم . 
				
						
						
