في بناء المسجد
قال : الزهري لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار كانا في حجر ، فساوم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين بالمربد ليتخذه مسجدا ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فابتاعه منهما بعشرة دنانير ، وكان جدارا ليس له سقف ، وقبلته إلى أسعد بن زرارة بيت المقدس ، وكان يصلي فيه ويجمع قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان فيه شجرة غرقد وخرب ونخل وقبور للمشركين ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت ، وبالخرب [ ص: 56 ] فسويت وبالنخل والشجر فقطعت وصفت في قبلة المسجد ، وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع ، والجانبين مثل ذلك أو دونه ، وجعل أساسه قريبا من ثلاثة أذرع ، ثم بنوه باللبن ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني معهم ، وينقل اللبن والحجارة بنفسه ويقول : أسعد بن زرارة
اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره
وكان يقول :
هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر
وجعلوا يرتجزون وهم ينقلون اللبن ، ويقول بعضهم في رجزه :
لئن قعدنا والرسول يعمل لذاك منا العمل المضلل
وجعل قبلته إلى بيت المقدس ، وجعل له ثلاثة أبواب ، بابا في مؤخره ، وبابا يقال له : باب الرحمة ، والباب الذي يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل عمده الجذوع ، وسقفه بالجريد ، وقيل له : ألا تسقفه فقال : ( ) وبنى إلى جنبه بيوت أزواجه باللبن ، وسقفها بالجريد والجذوع ، فلما فرغ من البناء بنى لا عريش كعريش موسى في البيت الذي بناه لها شرقي المسجد قبليه ، وهو مكان حجرته اليوم ، وجعل بعائشة بيتا آخر . لسودة بنت زمعة