فصل . 
 [ ص: 105 ] وكان هديه صلى الله عليه وسلم عتق عبيد المشركين إذا خرجوا إلى المسلمين وأسلموا  ، ويقول : ( هم عتقاء الله عز وجل  ) . 
وكان هديه أن من أسلم على شيء في يده  ، فهو له ، ولم ينظر إلى سببه قبل الإسلام ، بل يقره في يده كما كان قبل الإسلام ، ولم يكن يضمن المشركين إذا أسلموا ما أتلفوه على المسلمين من نفس ، أو مال حال الحرب ولا قبله ، ( وعزم  الصديق  على تضمين المحاربين  من أهل الردة ديات المسلمين وأموالهم ، فقال عمر   : تلك دماء أصيبت في سبيل الله ، وأجورهم على الله ، ولا دية لشهيد  ) فاتفق الصحابة على ما قال عمر  ، ولم يكن أيضا يرد على المسلمين أعيان أموالهم التي أخذها منهم الكفار قهرا بعد إسلامهم ، بل كانوا يرونها بأيديهم ، ولا يتعرضون لها سواء في ذلك العقار والمنقول ، هذا هديه الذي لا شك فيه . 
ولما فتح مكة  ، قام إليه رجال من المهاجرين يسألونه أن يرد عليهم دورهم التي استولى عليها المشركون ، فلم يرد على واحد منهم داره ، وذلك لأنهم تركوها لله ، وخرجوا عنها ابتغاء مرضاته ، فأعاضهم عنها دورا خيرا منها في الجنة ، فليس لهم أن يرجعوا فيما تركوه لله ، بل أبلغ من ذلك أنه لم يرخص للمهاجر أن يقيم بمكة  بعد نسكه أكثر من ثلاث ، لأنه قد ترك بلده لله ، وهاجر منه ، فليس له أن  [ ص: 106 ] يعود يستوطنه ، ولهذا رثى لسعد بن خولة  ، وسماه بائسا أن مات بمكة  ، ودفن بها بعد هجرته منها . 
				
						
						
