وقدم عليه وفد همدان ، منهم : مالك بن النمط ، ومالك بن أيفع ؛ وضمام بن مالك ، وعمرو بن مالك ، فلقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من تبوك ، وعليهم مقطعات الحبرات والعمائم العدنية على الرواحل المهرية والأرحبية ، ومالك بن النمط يرتجز بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول :
إليك جاوزن سواد الريف في هبوات الصيف والخريف مخطمات بحبال الليف
وذكروا له كلاما حسنا فصيحا ، فكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا أقطعهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط ، واستعمله على من أسلم من قومه ، وأمره بقتال ثقيف ، وكان لا يخرج لهم سرح إلا أغاروا عليه .
وقد روى بإسناد صحيح من حديث البيهقي أبي إسحاق ، عن البراء ، إلى خالد بن الوليد أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، قال البراء : فكنت فيمن خرج مع ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، فأمره أن يقفل علي بن أبي طالب خالدا إلا رجلا ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي رضي الله عنه ، فليعقب معه ، قال البراء : فكنت فيمن عقب مع علي ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ، فصلى بنا علي رضي الله عنه ، ثم صفنا صفا واحدا ، ثم تقدم بين أيدينا ، وقرأ [ ص: 545 ] عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فأسلمت همدان جميعا ، فكتب علي - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامهم ، فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب خر ساجدا ، ثم رفع رأسه ، فقال : ( السلام على همدان ، السلام على همدان ) . وأصل الحديث في " صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث " . البخاري
وهذا أصح مما تقدم ، ولم تكن همدان أن تقاتل ثقيفا ، ولا تغير على سرحهم ، فإن همدان باليمن ، وثقيفا بالطائف .