فصل
ذكر ثبت في " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم أنه كتب ( هديه صلى الله عليه وسلم في مكاتباته إلى الملوك وغيرهم هرقل : بسم الله الرحمن [ ص: 601 ] الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و( ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) ) إلى
وكتب ( : بسم الله الرحمن الرحيم من كسرى محمد رسول الله إلى عظيم كسرى فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ؛ أدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، فإن أبيت فعليك إثم المجوس " فلما قرئ عليه الكتاب مزقه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " مزق الله ملكه ) إلى
( : بسم الله الرحمن الرحيم من النجاشي محمد رسول الله إلى وكتب إلى ملك النجاشي الحبشة أسلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو [ ص: 602 ] الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة ، فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه ، كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى )
وبعث بالكتاب مع فقال عمرو بن أمية الضمري : إن ابن إسحاق عمرا قال له يا إن علي القول وعليك الاستماع ، إنك كأنك في الرقة علينا وكأنا في الثقة بك منك ؛ لأنا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه ، ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل ، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي أصحمة كاليهود في عيسى ابن مريم ، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم رسله إلى الناس ، فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما خافهم عليه بخير سالف وأجر ينتظر .
فقال : أشهد بالله أنه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة النجاشي موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر ، ثم كتب جواب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم " بسم الله الرحمن الرحيم إلى النجاشي محمد رسول الله من النجاشي سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته ، الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر أصحمة عيسى ، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا ، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين " . والثفروق علاقة ما بين النواة والقشر .
[ ص: 603 ] وتوفي سنة تسع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموته ذلك اليوم فخرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه وكبر أربعا . النجاشي
قلت : وهذا وهم - والله أعلم - وقد خلط راويه ولم يميز بين الذي صلى عليه وهو الذي آمن به وأكرم أصحابه وبين النجاشي الذي كتب إليه يدعوه ، فهما اثنان وقد جاء ذلك مبينا في " صحيح النجاشي " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مسلم وليس بالذي صلى عليه . النجاشي