فصل
في هديه صلى الله عليه وسلم في سجود السهو
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ) . إنما أنا بشر مثلكم ، أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني
[ ص: 277 ] وكان سهوه في الصلاة من تمام نعمة الله على أمته وإكمال دينهم ، ليقتدوا به فيما يشرعه لهم عند السهو ، وهذا معنى الحديث المنقطع الذي في " الموطأ " : ( إنما أنسى أو أنسى لأسن ) .
، فيترتب على سهوه أحكام شرعية تجري على سهو أمته إلى يوم القيامة ، فقام صلى الله عليه وسلم من اثنتين في الرباعية ، ولم يجلس بينهما ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين قبل السلام ثم سلم ، فأخذ من هذا قاعدة : أن من ترك شيئا من أجزاء الصلاة التي ليست بأركان سهوا ، سجد له قبل السلام ، وأخذ من بعض طرقه : أنه إذا ترك ذلك وشرع في ركن ، لم يرجع إلى المتروك ، لأنه لما قام سبحوا ، فأشار إليهم : أن قوموا . وكان صلى الله عليه وسلم ينسى
واختلف عنه في ، ففي " الصحيحين " من حديث محل هذا السجود عبد الله ابن بحينة ، ( ) . أنه صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر ولم يجلس بينهما ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ، ثم سلم بعد ذلك
وفي رواية متفق عليها : ( ) . يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم
[ ص: 278 ] وفي " المسند " من حديث عن يزيد بن هارون المسعودي ، عن قال : ( زياد بن علاقة ، فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس ، فسبح به من خلفه ، فأشار إليهم أن قوموا ، فلما فرغ من صلاته سلم ، ثم سجد سجدتين وسلم ، ثم قال : هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة ) وصححه صلى بنا . الترمذي
وذكر من حديث البيهقي عبد الرحمن بن شماسة المهري قال : ( ، فقام وعليه جلوس ، فقال الناس : سبحان الله سبحان الله، فلم يجلس ومضى على قيامه ، فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتي السهو وهو جالس ، فلما سلم قال : إني سمعتكم آنفا تقولون : سبحان الله لكيما أجلس ، لكن السنة الذي صنعت عقبة بن عامر الجهني ) . صلى بنا
وحديث عبد الله ابن بحينة أولى لثلاثة وجوه .
أحدها : أنه أصح من حديث المغيرة .
الثاني : أنه أصرح منه ، فإن قول المغيرة : ( ) يجوز أن يرجع إلى جميع ما فعل وهكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة ، ويكون قد سجد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا [ ص: 279 ] السهو مرة قبل السلام ، ومرة بعده ، فحكى ابن بحينة ما شاهده ، وحكى المغيرة ما شاهده ، فيكون كلا الأمرين جائزا ، ويجوز أن يريد المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم قام ولم يرجع ، ثم سجد للسهو .
الثالث : أن المغيرة لعله نسي السجود قبل السلام وسجده بعده ، وهذه صفة السهو ، وهذا لا يمكن أن يقال في السجود قبل السلام ، والله أعلم .