فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج المرضى بتطييب نفوسهم وتقوية قلوبهم
روى " في سننه " من حديث ابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبي سعيد الخدري ، فإن ذلك لا يرد شيئا ، وهو يطيب نفس المريض إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل ) .
وفي هذا الحديث نوع شريف جدا من أشرف أنواع العلاج ، وهو الإرشاد [ ص: 107 ] إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذي تقوى به الطبيعة ، وتنتعش به القوة ، وينبعث به الحار الغريزي ، فيتساعد على دفع العلة أو تخفيفها الذي هو غاية تأثير الطبيب .
وتفريح نفس المريض وتطييب قلبه وإدخال ما يسره عليه له تأثير عجيب في شفاء علته وخفتها ، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك ، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذي ، وقد شاهد الناس كثيرا من المرضى تنتعش قواه بعيادة من يحبونه ، ويعظمونه ، ورؤيتهم لهم ولطفهم بهم ومكالمتهم إياهم ، وهذا أحد فوائد عيادة المرضى التي تتعلق بهم ، فإن فيها أربعة أنواع من الفوائد : نوع يرجع إلى المريض ، ونوع يعود على العائد ، ونوع يعود على أهل المريض ، ونوع يعود على العامة .
وقد تقدم في هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان ويصف له ما ينفعه في علته ، وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه ، وربما كان يقول للمريض : ( يسأل المريض عن شكواه ، وكيف يجده ويسأله عما يشتهيه ، ويضع يده على جبهته ، وربما وضعها بين ثدييه ، ويدعو له ) ، وهذا من كمال اللطف ، وحسن العلاج والتدبير . لا بأس طهور إن شاء الله