فصل
ولما كان للمرض أربعة أحوال : ابتداء ، وصعود ، وانتهاء ، وانحطاط ، تعين ، بما يناسبها ويليق بها ، ويستعمل في كل حال ما يجب استعماله فيها . فإذا رأى في ابتداء المرض أن الطبيعة محتاجة إلى ما يحرك الفضلات ويستفرغها ؛ لنضجها بادر إليه فإن فاته تحريك الطبيعة في ابتداء المرض لعائق منع من ذلك ، أو لضعف القوة ، وعدم احتمالها للاستفراغ ، أو لبرودة الفصل ، أو لتفريط وقع ، فينبغي أن يحذر كل الحذر أن يفعل ذلك في صعود المرض ؛ لأنه إن فعله ، تحيرت الطبيعة لاشتغالها بالدواء ، وتخلت عن تدبير المرض ، ومقاومته بالكلية ، ومثاله : أن يجيء إلى فارس مشغول بمواقعة عدوه ، فيشغله عنه بأمر آخر ، ولكن الواجب في هذه الحال أن يعين الطبيعة على حفظ القوة ما أمكنه . على الطبيب مراعاة كل حال من أحوال المرض
فإذا انتهى المرض ووقف وسكن ، أخذ في استفراغه واستئصال أسبابه ، فإذا أخذ في الانحطاط ، كان أولى بذلك . ومثال هذا مثال العدو إذا انتهت قوته ، وفرغ سلاحه ، كان أخذه سهلا ، فإذا ولى وأخذ في الهرب ، كان أسهل أخذا ، وحدته وشوكته إنما هي في ابتدائه ، وحال استفراغه ، وسعة قوته فهكذا الداء ، والدواء سواء .