كتم : روى في " صحيحه " : عن البخاري ، قال : عثمان بن عبد الله بن موهب رضي الله عنها ، فأخرجت إلينا شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو مخضوب بالحناء والكتم أم سلمة . دخلنا على
وفي " السنن الأربعة " : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ) . إن
وفي " الصحيحين " : عن أنس رضي الله عنه ، أن أبا بكر رضي الله عنه اختضب بالحناء والكتم .
[ ص: 336 ] وفي " سنن أبي داود " : عن رضي الله عنهما ، قال : ( ابن عباس ) . مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء ، فقال ما أحسن هذا ؟ فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم ، فقال : " هذا أحسن من هذا " فمر آخر قد خضب بالصفرة ، فقال : " هذا أحسن من هذا كله "
قال الغافقي : الكتم نبت ينبت بالسهول ، ورقه قريب من ورق الزيتون ، يعلو فوق القامة ، وله ثمر قدر حب الفلفل ، في داخله نوى ، إذا رضخ اسود ، وإذا استخرجت عصارة ورقه ، وشرب منها قدر أوقية ، قيأ قيئا شديدا ، وينفع عن عضة الكلب ، وأصله إذا طبخ بالماء كان منه مداد يكتب به .
وقال الكندي : بزر الكتم إذا اكتحل به ، حلل الماء النازل في العين وأبرأها .
وقد ظن بعض الناس أن الكتم هو الوسمة ، وهي ورق النيل ، وهذا وهم ، فإن الوسمة غير الكتم . قال صاحب " الصحاح " : الكتم بالتحريك : نبت يخلط بالوسمة يختضب به ، قيل : والوسمة نبات له ورق طويل يضرب لونه إلى الزرقة أكبر من ورق الخلاف ، يشبه ورق اللوبيا ، وأكبر منه ، يؤتى به من الحجاز واليمن .
فإن قيل : قد ثبت في " الصحيح " عن أنس رضي الله عنه ، أنه قال : . لم يختضب النبي صلى الله عليه وسلم
قيل : قد أجاب عن هذا ، وقال : قد شهد به غير أحمد بن حنبل أنس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أنه خضب ، وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد ، [ ص: 337 ] فأحمد أثبت خضاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعه جماعة من المحدثين ، ومالك أنكره .
فإن قيل : فقد ثبت في " صحيح " النهي عن مسلم في شأن الخضاب بالسواد أبي قحافة لما أتي به ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا ، فقال : ( ) . غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد
والكتم يسود الشعر .
فالجواب من وجهين ، أحدهما : أن النهي عن التسويد البحت ، فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر ، كالكتم ونحوه ، فلا بأس به ، فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود بخلاف الوسمة ، فإنها تجعله أسود فاحما ، وهذا أصح الجوابين .
الجواب الثاني : أن الخضاب بالسواد المنهي عنه خضاب التدليس ، كخضاب شعر الجارية ، والمرأة الكبيرة تغر الزوج ، والسيد بذلك ، وخضاب الشيخ يغر المرأة بذلك ، فإنه من الغش والخداع ، فأما إذا لم يتضمن تدليسا ولا خداعا ، فقد صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد ، ذكر ذلك عنهما في كتاب " تهذيب الآثار " وذكره عن ابن جرير ، عثمان بن عفان ، وعبد الله بن جعفر ، وسعد بن أبي وقاص ، وعقبة بن عامر ، والمغيرة بن شعبة ، وجرير بن عبد الله ، وحكاه عن جماعة من التابعين : منهم وعمرو بن العاص ، عمرو بن عثمان ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الرحمن بن الأسود ، وموسى بن طلحة ، والزهري وأيوب ، وإسماعيل بن معدي كرب .
وحكاه عن ابن الجوزي ، محارب بن دثار ويزيد ، ، وابن جريج وأبي يوسف ، وأبي إسحاق ، ، وابن أبي ليلى ، وزياد بن علاقة وغيلان بن جامع [ ص: 338 ] ، ونافع بن جبير وعمرو بن علي المقدمي ، . والقاسم بن سلام