أصله من وراء ماء النيل : أحد أنهار الجنة جبال القمر في أقصى بلاد الحبشة من أمطار تجتمع هناك ، وسيول يمد بعضها بعضا ، فيسوقه الله تعالى إلى الأرض الجرز التي لا نبات لها ، فيخرج به زرعا ، تأكل منه الأنعام والأنام ، ولما كانت الأرض التي يسوقه إليها إبليزا صلبة ، إن أمطرت مطر العادة ، لم ترو ولم تتهيأ للنبات وإن أمطرت فوق العادة ضرت المساكن والساكن ، وعطلت المعايش والمصالح ، فأمطر البلاد البعيدة ، ثم ساق تلك الأمطار إلى هذه الأرض في نهر عظيم ، وجعل سبحانه زيادته في أوقات معلومة على قدر ري البلاد وكفايتها ، فإذا أروى البلاد وعمها ، أذن سبحانه بتناقصه وهبوطه لتتم المصلحة بالتمكن من الزرع واجتمع في هذا الماء الأمور العشرة التي تقدم ذكرها ، وكان من ألطف المياه وأخفها وأعذبها وأحلاها .