حرف الياء 
يقطين : وهو الدباء والقرع  ، وإن كان اليقطين أعم ، فإنه في اللغة كل شجر لا تقوم على ساق ، كالبطيخ والقثاء والخيار ، قال الله تعالى : ( وأنبتنا عليه شجرة من يقطين   ) [ الصافات : 146 ] . 
فإن قيل : ما لا يقوم على ساق يسمى نجما لا شجرا والشجر : ما له ساق ، قاله أهل اللغة : فكيف قال : ( شجرة من يقطين   ) ؟ . 
 [ ص: 371 ] فالجواب : أن الشجر إذا أطلق ، كان ما له ساق يقوم عليه ، وإذا قيد بشيء تقيد به ، فالفرق بين المطلق والمقيد في الأسماء باب مهم عظيم النفع في الفهم ومراتب اللغة . 
واليقطين المذكور في القرآن : هو نبات الدباء وثمره يسمى الدباء والقرع وشجرة اليقطين . وقد ثبت في " الصحيحين " : من حديث  أنس بن مالك  أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه ، قال أنس  رضي الله عنه : فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء وقديد ، قال أنس   : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي الصحفة ، فلم أزل أحب الدباء من ذلك اليوم  . 
وقال أبو طالوت   : دخلت على  أنس بن مالك  رضي الله عنه ، وهو يأكل القرع ويقول يا لك من شجرة ما أحبك إلي لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك  . 
وفي " الغيلانيات " : من حديث  هشام بن عروة  عن أبيه ، عن (  عائشة  رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا  عائشة  إذا طبختم قدرا فأكثروا فيها من الدباء فإنها تشد قلب الحزين  ) . 
اليقطين : بارد رطب يغذو غذاء يسيرا ، وهو سريع الانحدار ، وإن لم يفسد قبل الهضم ، تولد منه خلط محمود ومن خاصيته أنه يتولد منه خلط محمود مجانس لما يصحبه فإن أكل بالخردل تولد منه خلط حريف ، وبالملح خلط مالح ومع القابض قابض وإن طبخ بالسفرجل غذا البدن غذاء جيدا . 
وهو لطيف مائي يغذو غذاء رطبا بلغميا ، وينفع المحرورين ، ولا يلائم المبرودين ومن الغالب عليهم البلغم وماؤه يقطع العطش ويذهب الصداع  [ ص: 372 ] الحار إذا شرب أو غسل به الرأس ، وهو ملين للبطن كيف استعمل ، ولا يتداوى المحرورون بمثله ، ولا أعجل منه نفعا . 
ومن منافعه : أنه إذا لطخ بعجين وشوي في الفرن أو التنور واستخرج ماؤه وشرب ببعض الأشربة اللطيفة سكن حرارة الحمى الملتهبة وقطع العطش وغذى غذاء حسنا ، وإذا شرب بترنجبين وسفرجل مربى أسهل صفراء محضة . 
وإذا طبخ القرع ، وشرب ماؤه بشيء من عسل ، وشيء من نطرون ، أحدر بلغما ومرة معا ، وإذا دق وعمل منه ضماد على اليافوخ ، نفع من الأورام الحارة في الدماغ . 
وإذا عصرت جرادته ، وخلط ماؤها بدهن الورد ، وقطر منها في الأذن ، نفعت من الأورام الحارة ، وجرادته نافعة من أورام العين الحارة ، ومن النقرس الحار وهو شديد النفع لأصحاب الأمزجة الحارة والمحمومين ومتى صادف في المعدة خلطا رديئا استحال إلى طبيعته وفسد وولد في البدن خلطا رديئا ، ودفع مضرته بالخل والمري . 
وبالجملة فهو من ألطف الأغذية ، وأسرعها انفعالا ويذكر عن أنس  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من أكله . 
				
						
						
