nindex.php?page=treesubj&link=18564الصفات المشروطة فيمن تختار صحبته
اعلم أنه لا يصلح للصحبة كل إنسان ، قال - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004345المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " ولا بد أن يتميز بخصال وصفات يرغب بسببها في صحبته ، وجملتها أن يكون عاقلا حسن الخلق غير فاسق ولا حريص على الدنيا .
أما العقل فهو رأس المال وهو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق ، فإلى الوحشة والقطيعة ترجع عاقبتها وإن طالت ، وقد قيل : مقاطعة الأحمق قربان إلى الله .
وأما حسن الخلق فلا بد منه ، فإن من غلبه غضب أو شهوة أو بخل أو جبن وأطاع هواه فلا خير في صحبته .
وأما الفاسق المصر على فسقه فلا فائدة في صحبته ، بل مشاهدته تهون أمر المعصية على النفس وتبطل نفرة القلب عنها ، ولأن من لا يخاف الله لا تؤمن غائلته ولا يوثق بصداقته بل يتغير بتغير الأغراض ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ) [ الكهف : 28 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) [ النجم : 29 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15واتبع سبيل من أناب إلي ) [ لقمان : 15 ] وفي مفهوم ذلك زجر عن الفاسق .
وأوصى "
علقمة " ابنه فقال : " يا بني إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك ، وإن صحبته زانك ، وإن قعدت بك مؤونة مانك ، واصحب من إذا مددت يدك بخير مدها ، وإن رأى منك حسنة عدها ، وإن رأى سيئة
[ ص: 129 ] سدها . اصحب من إذا سألته أعطاك ، وإن سكت ابتداك ، وإن نزلت بك نازلة واساك ، اصحب من إذا قلت صدق قولك ، وإن حاولت أمرا آمرك ، وإن تنازعتما آثرك " . قال
علي رضي الله عنه :
إن أخاك الحق من كان معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب زمان صدعك
شتت فيه شمله ليجمعك
وقال "
nindex.php?page=showalam&ids=12032أبو سليمان الداراني " رحمه الله : " لا تصحب إلا أحد رجلين : رجلا ترتفق به في أمر دنياك أو رجلا تزيد معه وتنتفع به في أمر آخرتك ، والاشتغال بغير هذين حمق كبير ، وأما الحريص على الدنيا فصحبته سم قاتل ؛ لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء ، بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه ، فمجالسة الحريص على الدنيا تحرك الحرص ، ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا ، فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا وتطلب صحبة العلماء والحكماء ، قال "
لقمان " لابنه : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن القلوب لتحيا بالحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر " .
nindex.php?page=treesubj&link=18564الصِّفَاتُ الْمَشْرُوطَةُ فِيمَنْ تَخْتَارُ صُحْبَتَهُ
اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلصُّحْبَةِ كُلُّ إِنْسَانٍ ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16004345الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ " وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَمَيَّزَ بِخِصَالٍ وَصِفَاتٍ يَرْغَبُ بِسَبَبِهَا فِي صُحْبَتِهِ ، وَجُمْلَتُهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَسَنَ الْخُلُقِ غَيْرَ فَاسِقٍ وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا .
أَمَّا الْعَقْلُ فَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الْأَصْلُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ الْأَحْمَقِ ، فَإِلَى الْوَحْشَةِ وَالْقَطِيعَةِ تَرْجِعُ عَاقِبَتُهَا وَإِنْ طَالَتْ ، وَقَدْ قِيلَ : مُقَاطَعَةُ الْأَحْمَقِ قُرْبَانٌ إِلَى اللَّهِ .
وَأَمَّا حُسْنُ الْخُلُقِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ ، فَإِنَّ مَنْ غَلَبَهُ غَضَبٌ أَوْ شَهْوَةٌ أَوْ بُخْلٌ أَوْ جُبْنٌ وَأَطَاعَ هَوَاهُ فَلَا خَيْرَ فِي صُحْبَتِهِ .
وَأَمَّا الْفَاسِقُ الْمُصِرُّ عَلَى فِسْقِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي صُحْبَتِهِ ، بَلْ مُشَاهَدَتُهُ تُهَوِّنُ أَمْرَ الْمَعْصِيَةِ عَلَى النَّفْسِ وَتُبْطِلُ نُفْرَةُ الْقَلْبِ عَنْهَا ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُ وَلَا يُوثَقُ بِصَدَاقَتِهِ بَلْ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَغْرَاضِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=28وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ) [ الْكَهْفِ : 28 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=29فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) [ النَّجْمِ : 29 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=15وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) [ لُقْمَانَ : 15 ] وَفِي مَفْهُومِ ذَلِكَ زَجْرٌ عَنِ الْفَاسِقِ .
وَأَوْصَى "
علقمة " ابْنَهُ فَقَالَ : " يَا بُنَيَّ إِذَا عَرَضَتْ لَكَ إِلَى صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَاصْحَبْ مَنْ إِذَا خَدَمْتَهُ صَانَكَ ، وَإِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ ، وَإِنْ قَعَدَتْ بِكَ مَؤُونَةٌ مَانَكَ ، وَاصْحَبْ مَنْ إِذَا مَدَدْتَ يَدَكَ بِخَيْرٍ مَدَّهَا ، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا ، وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً
[ ص: 129 ] سَدَّهَا . اصْحَبْ مَنْ إِذَا سَأَلْتَهُ أَعْطَاكَ ، وَإِنْ سَكَتَّ ابْتَدَاكَ ، وَإِنْ نَزَلَتْ بِكَ نَازِلَةٌ وَاسَاكَ ، اصْحَبْ مَنْ إِذَا قُلْتَ صَدَّقَ قَوْلَكَ ، وَإِنْ حَاوَلْتَ أَمْرًا آمَرَكَ ، وَإِنْ تَنَازَعْتُمَا آثَرَكَ " . قَالَ
علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
إِنَّ أَخَاكَ الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكَ وَمَنْ إِذَا رَيْبُ زَمَانٍ صَدَّعَكَ
شَتَّتَ فِيهِ شَمْلَهُ لِيَجْمَعَكَ
وَقَالَ "
nindex.php?page=showalam&ids=12032أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ " رَحِمَهُ اللَّهُ : " لَا تَصْحَبْ إِلَّا أَحَدَ رَجُلَيْنِ : رَجُلًا تَرْتَفِقُ بِهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاكَ أَوْ رَجُلًا تَزِيدُ مَعَهُ وَتَنْتَفِعُ بِهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِكَ ، وَالِاشْتِغَالُ بِغَيْرِ هَذَيْنِ حُمْقٌ كَبِيرٌ ، وَأَمَّا الْحَرِيصُ عَلَى الدُّنْيَا فَصُحْبَتُهُ سُمٌّ قَاتِلٌ ؛ لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالِاقْتِدَاءِ ، بَلِ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنَ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ ، فَمُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ عَلَى الدُّنْيَا تُحَرِّكُ الْحِرْصَ ، وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا ، فَلِذَلِكَ تُكْرَهُ صُحْبَةُ طُلَّابِ الدُّنْيَا وَتُطْلَبُ صُحْبَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْحُكَمَاءِ ، قَالَ "
لقمان " لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ فَإِنَّ الْقُلُوبَ لَتَحْيَا بِالْحِكْمَةِ كَمَا تَحْيَا الْأَرْضُ الْمَيِّتَةُ بِوَابِلِ الْمَطَرِ " .