الآفة الثامنة عشرة : : المدح
وهو منهي عنه في بعض المواضع ، أما الذم فهو الغيبة والوقيعة ، وقد ذكرنا حكمها ، : أربع من المادح ، واثنتان في الممدوح ، فأما المادح : والمدح يدخله ست آفات
فالأولى : أنه قد يفرط فيه فينتهي به إلى الكذب .
والثانية : أنه قد يدخله الرياء ، فإنه بالمدح مظهر للحب ، وقد لا يكون مضمرا ولا معتقدا لجميع ما يقوله ، فيصير به مرائيا منافقا .
والثالثة : أنه قد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل إلى الاطلاع عليه .
والرابعة : أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق ، وذلك غير جائز ، قال " الحسن " : " من دعا لظالم بطول البقاء فقد أحب أن يعصى الله في الأرض " .
وأما الممدوح فيضره من وجهين :
أحدهما : أنه يحدث فيه كبرا وإعجابا ، وهما مهلكان .
الثاني : هو أنه إذا أثنى عليه فرح ، وفتر ، ورضي عن نفسه ، وقل تشميره للعمل ، فإن سلم المدح من هذه الآفات في حق المادح والممدوح ، لم يكن به بأس ، بل ربما كان مندوبا إليه .
وعلى الممدوح أن يكون شديد الاحتراز عن آفة الكبر والعجب وآفة الفتور ، ويتذكر أنه يعلم من نفسه ما لا يعلمه المادح ، وأنه لو انكشف له جميع أسراره وما يجري على خواطره لكف المادح عن مدحه ، وكان " علي " رضي الله عنه إذا أثني عليه يقول : " اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني خيرا مما يظنون " . وعلى المادح أن لا يجزم القول إلا بعد خبرة باطنة ، سمع " عمر " رضي الله عنه رجلا يثني على رجل فقال : " أسافرت معه " ؟ قال : لا ، قال : " أخالطته في المبايعة والمعاملة " ؟ قال : " لا " قال : فأنت جاره صباحه ومساءه ؟ قال : " لا " ، فقال : " والله الذي لا إله إلا هو لا أراك تعرفه " .
وفي الحديث : " " . إن كان أحدكم لا بد مادحا أخاه فليقل : أحسب فلانا ولا أزكي على الله أحدا