بيان وجوب التوبة وفضلها :
اعلم أن ظاهر بالأخبار والآيات ، وهو واضح بنور البصيرة عند من شرح الله بنور الإيمان صدره ، فإن من عرف أن لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء الله تعالى ، وأن كل محجوب عنه شقي لا محالة محول بينه وبين ما يشتهي محترق بنار الفراق ونار الجحيم ، وعلم أن لا مبعد عن لقاء الله إلا اتباع الشهوات ، ولا مقرب من لقائه إلا الإقبال على الله بدوام ذكره ، وعلم أن الذنوب سبب كونه محجوبا مبعدا عن الله تعالى فلا يشك في أن الانصراف عن طريق البعد واجب للوصول إلى القرب ، وإنما يتم الانصراف بالعلم والندم والعزم ، وهكذا يكون الإيمان الحاصل عن البصيرة ، ومن لم يترشح لهذا المقام فيلاحظ ما ورد من الآيات والآثار فقد قال تعالى : ( وجوب التوبة وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) [ النور : 31 ] وهذا أمر على العموم ، وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) [ التحريم : 8 ] ومعنى النصوح الخالص لله تعالى خاليا عن الشوائب .
[ ص: 270 ] ويدل على قوله تعالى : ( فضل التوبة إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) [ البقرة : 222 ] وقال عليه الصلاة والسلام : " " والأخبار في ذلك كثيرة . التائب من الذنب كمن لا ذنب له