nindex.php?page=treesubj&link=19785آية السماوات
ومن آياته تعالى ملكوت السماوات وما فيها من الكواكب ، وقد عظم الله تعالى أمر السماوات والنجوم في كتابه فما من سورة إلا وتشتمل على تفخيمها في مواضع ، وكم من قسم في القرآن بها كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1والسماء والطارق ) [ الطارق : 1 ] وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فلا أقسم بمواقع النجوم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=76وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) [ الواقعة : 75 و 76 ] وقد علمت أن عجائب النطفة القذرة عجز عن معرفتها الأولون والآخرون وما أقسم الله بها ، فما ظنك بما أقسم الله تعالى به ، وأحال الأرزاق عليه وأضافها إليه فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وفي السماء رزقكم وما توعدون ) [ الذاريات : 22 ] وأثنى على المتفكرين فيه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ) [ آل عمران : 191 ] فارفع رأسك إلى السماء وانظر فيها وفي كواكبها وطلوعها وغروبها وشمسها وقمرها واختلاف مشارقها ومغاربها ودؤوبها في الحركة على الدوام من غير فتور في حركتها ومن غير تغير في سيرها ، بل تجري جميعا في منازل مرتبة بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص إلى أن يطويها الله تعالى طي السجل للكتب [ الحج : 104 ] وتدبر كثرة كواكبها واختلاف ألوانها وكيفية أشكالها . ثم انظر إلى مسير الشمس في فلكها في مدة سنة ، ثم هي تطلع في كل يوم وتغرب ، ولولا طلوعها وغروبها لما اختلف الليل والنهار ولم تعرف المواقيت ، ولأطبق الظلام على الدوام أو الضياء على الدوام فكان لا يتميز وقت المعاش عن وقت الاستراحة ، وانظر إلى إيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل وإدخاله الزيادة والنقصان عليهما على ترتيب مخصوص ، وانظر كيف أمسكها من غير عمد ترونها ومن غير علاقة من فوقها . وعجائب السماوات لا مطمع في إحصاء عشر عشير جزء من أجزائها ، وإنما هذا تنبيه على طريق الفكر .
وعلى الجملة فما من كوكب من الكواكب إلا ولله تعالى فيه حكم كثيرة ، وكل العالم كبيت واحد ، والسماء سقفه ، فالعجب منك أنك تدخل بيت غني فتراه مزوقا بالصبغ مموها بالذهب فلا ينقطع تعجبك منه ولا تزال تذكره وتصف حسنه طول عمرك ، وأنت أبدا تنظر إلى هذا
[ ص: 320 ] البيت العظيم وإلى أرضه وإلى سقفه وإلى هوائه وإلى عجائب أمتعته وغرائب حيواناته ، ثم لا تتحدث فيه ولا تلتفت بقلبك إليه ، ليس لك هم إلا شهوتك ، اشتغلت بأنواع الغرور وغفلت عن النظر في جمال ملكوت السماوات والأرض . فاستكثر من معرفة عجيب صنع الله تعالى لتكون معرفتك بجلاله وعظمته أتم والله الملهم .
nindex.php?page=treesubj&link=19785آيَةُ السَّمَاوَاتِ
وَمِنْ آيَاتِهِ تَعَالَى مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْكَوَاكِبِ ، وَقَدْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَ السَّمَاوَاتِ وَالنُّجُومِ فِي كِتَابِهِ فَمَا مِنْ سُورَةٍ إِلَّا وَتَشْتَمِلُ عَلَى تَفْخِيمِهَا فِي مَوَاضِعَ ، وَكَمْ مِنْ قَسَمٍ فِي الْقُرْآنِ بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=1وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ) [ الطَّارِقِ : 1 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=75فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=76وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) [ الْوَاقِعَةِ : 75 وَ 76 ] وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عَجَائِبَ النُّطْفَةِ الْقَذِرَةِ عَجَزَ عَنْ مَعْرِفَتِهَا الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَمَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَا أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ، وَأَحَالَ الْأَرْزَاقَ عَلَيْهِ وَأَضَافَهَا إِلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=22وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) [ الذَّارِيَاتِ : 22 ] وَأَثْنَى عَلَى الْمُتَفَكِّرِينَ فِيهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=191وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 191 ] فَارْفَعْ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ وَانْظُرْ فِيهَا وَفِي كَوَاكِبِهَا وَطُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا وَشَمْسِهَا وَقَمَرِهَا وَاخْتِلَافِ مَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا وَدُؤُوبِهَا فِي الْحَرَكَةِ عَلَى الدَّوَامِ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ فِي حَرَكَتِهَا وَمِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فِي سَيْرِهَا ، بَلْ تَجْرِي جَمِيعًا فِي مَنَازِلَ مُرَتَّبَةٍ بِحِسَابٍ مُقَدَّرٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ إِلَى أَنْ يَطْوِيَهَا اللَّهُ تَعَالَى طَيَّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [ الْحَجِّ : 104 ] وَتَدَبَّرْ كَثْرَةَ كَوَاكِبِهَا وَاخْتِلَافَ أَلْوَانِهَا وَكَيْفِيَّةَ أَشْكَالِهَا . ثُمَّ انْظُرْ إِلَى مَسِيرِ الشَّمْسِ فِي فَلَكِهَا فِي مُدَّةِ سَنَةٍ ، ثُمَّ هِيَ تَطْلُعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَتَغْرُبُ ، وَلَوْلَا طُلُوعُهَا وَغُرُوبُهَا لَمَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَمْ تُعْرَفِ الْمَوَاقِيتُ ، وَلَأَطْبَقَ الظَّلَامُ عَلَى الدَّوَامِ أَوِ الضِّيَاءُ عَلَى الدَّوَامِ فَكَانَ لَا يَتَمَيَّزُ وَقْتُ الْمَعَاشِ عَنْ وَقْتِ الِاسْتِرَاحَةِ ، وَانْظُرْ إِلَى إِيلَاجِهِ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَالنَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَإِدْخَالِهِ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ عَلَيْهِمَا عَلَى تَرْتِيبٍ مَخْصُوصٍ ، وَانْظُرْ كَيْفَ أَمْسَكَهَا مِنْ غَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَمِنْ غَيْرِ عِلَاقَةٍ مِنْ فَوْقِهَا . وَعَجَائِبُ السَّمَاوَاتِ لَا مَطْمَعَ فِي إِحْصَاءِ عُشْرِ عُشَيْرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا ، وَإِنَّمَا هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى طَرِيقِ الْفِكْرِ .
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَمَا مِنْ كَوْكَبٍ مِنَ الْكَوَاكِبِ إِلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حِكَمٌ كَثِيرَةٌ ، وَكُلُّ الْعَالَمِ كَبَيْتٍ وَاحِدٍ ، وَالسَّمَاءُ سَقْفُهُ ، فَالْعَجَبُ مِنْكَ أَنَّكَ تَدْخُلُ بَيْتَ غَنِيٍّ فَتَرَاهُ مُزَوَّقًا بِالصَّبْغِ مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَجُّبُكَ مِنْهُ وَلَا تَزَالُ تَذْكُرُهُ وَتَصِفُ حُسْنَهُ طُولَ عُمُرِكَ ، وَأَنْتَ أَبَدًا تَنْظُرُ إِلَى هَذَا
[ ص: 320 ] الْبَيْتِ الْعَظِيمِ وَإِلَى أَرْضِهِ وَإِلَى سَقْفِهِ وَإِلَى هَوَائِهِ وَإِلَى عَجَائِبِ أَمْتِعَتِهِ وَغَرَائِبِ حَيَوَانَاتِهِ ، ثُمَّ لَا تَتَحَدَّثُ فِيهِ وَلَا تَلْتَفِتُ بِقَلْبِكَ إِلَيْهِ ، لَيْسَ لَكَ هَمٌّ إِلَّا شَهْوَتُكَ ، اشْتَغَلْتَ بِأَنْوَاعِ الْغُرُورِ وَغَفَلْتَ عَنِ النَّظَرِ فِي جَمَالِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . فَاسْتَكْثِرْ مِنْ مَعْرِفَةِ عَجِيبِ صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَكُونَ مَعْرِفَتُكَ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ أَتَمَّ وَاللَّهُ الْمُلْهِمُ .