ولما كان منع المفلس [ ص: 265 ] من التصرف المالي ، وبيع ماله وحبسه ، ورجوع الإنسان في عين شيئه شرع في بيانها وأشار لأولها بقوله ( فمنع ) المفلس بالمعنى الأخص ( من تصرف مالي ) كبيع وشراء وكراء واكتراء ولو بغير محاباة خلافا لمن قيده بالمحاباة ; لأنها من التبرع وهو يمنع منه بمجرد الإحاطة كما تقدم ، فإن وقع التصرف المالي لم يبطل بل يوقف على نظر الحاكم أو الغرماء ( لا ) إن التزم شيئا ( في ذمته ) لغير رب الدين إن ملكه فلا يمنع منه إلا أن يملكه ودينهم باق عليه فلهم منعه حتى يوفيهم دينهم ، ولا يمنع من تصرف غير مالي ( كخلعه ) لما فيه من أخذ مال ( وطلاقه ) ولو أدى إلى حلول مؤخر الصداق وتحاصص به ( وقصاصه ) من جان عليه أو على وليه إذ ليس فيه مال بالأصالة ( وعفوه ) عن قصاص أو حد مما لا مال فيه بخلاف الخطأ والعمد الذي فيه مال ( وعتق أم ولده ) التي أحبلها قبل التفليس الأخص ولو بعد الأعم ( و ) إذا أعتقها ( تبعها مالها إن قل ) بل ولو كثر على المذهب إذ لا يلزم بانتزاع مال رقيقه ( وحل به ) أي بالفلس الأخص ( وبالموت ) للمدين ( ما أجل ) عليه من الدين لخراب ذمته فيهما [ ص: 266 ] ما لم يشترط المدين عدم حلوله بهما وما لم يقتل الدائن المدين عمدا فلا يحل كموت رب الدين أو فلسه فلا يحل بهما دينه ( ولو ) كان الدين المؤجل على المفلس أو الميت ( دين كراء ) لدار أو دابة أو عبد وجيبة لم يستوف المنفعة فيحل بفلس المكتري أو موته وللمكري أخذ عين شيئه في الفلس لا الموت ، فإن كان المفلس لم يستوف شيئا من المنفعة فلا شيء للمكري ورد الأجرة إن كان قبضها وإن ترك عين شيئه للمفلس حاصص بأجرته حالا ، وإن كان استوفى بعض المنفعة حاصص بها كما يحاصص في الموت ويأخذ منابه بالحصاص حالا ويخير في فسخ ما بقي في الفلس ، فإن أبقاه للمفلس رد منابه من الأجرة إن كان قبضها وحاصص به وإلا حاصص بالجميع ، هذا ما يستفاد من كلام شارح المدونة وهو المشهور ( أو قدم الغائب ) الذي فلسه الحاكم في غيبته ( مليا ) فإنه يحل ما عليه من مؤجل وليس له أن يدعي تبيين خطئه بملائه ( وإن للحجر أحكام أربعة : معه ليأخذ حقه [ ص: 267 ] ( حلف كل ) من الغرماء مع الشاهد لتنزيلهم منزلة المفلس في اليمين ( كهو ) أي كحلف المفلس فيحلف كل أن ما شهد به الشاهد حق ( وأخذ ) كل حالف ( حصته ) من الدين فقط ( ولو نكل غيره ) أي غير الحالف فلا يأخذ الحالف سوى قدر نصيبه مع حلفه على الجميع ( على الأصح ) وهو المشهور ومقابله قول نكل المفلس ) الذي أقام شاهدا بحق له على شخص عن اليمين ابن عبد الحكم يأخذ جميع حقه ولو نكل الجميع فلا شيء لهم وعلى الأول يسقط حق الناكل إن حلف المطلوب ، فإن نكل غرم بقية ما عليه ( وقبل إقراره ) أي المفلس الأخص هذا ظاهره ، والراجح أن مثله الأعم أي إقراره بدين في ذمته لمن لا يتهم عليه ( بالمجلس ) الذي حجر عليه فيه أو قامت فيه الغرماء عليه ( أو قربه ) بالعرف ( إن ثبت دينه ) الذي حجر عليه به بالحكم أو قام الغرماء عليه به ( بإقرار ) منه به ( لا ) إن ثبت عليه ( ببينة ) فلا يقبل إقراره لغيرهم وهذا إذا كانت الديون الثابتة تستغرق ما بيده ولم يعلم تقدم معاملته للمقر له وإلا قبل إقراره ( وهو ) أي ما أقر به ولم يقبل فيه إقراره بأن ثبت دينه ببينة أو أقر بعد المجلس بطول لمن لا يتهم عليه ( في ذمته ) يحاصص المقر له به فيما يتجدد له من مال لا فيما بيده فقوله وهو في ذمته راجع لمفهوم قوله بالمجلس أو قربه ولقوله لا ببينة ( وقبل ) من المفلس مطلقا ( تعيينه القراض والوديعة ) بأن يقول هذا قراض أو وديعة ولو لم يعين ربهما أو كان بعد المجلس بطول [ ص: 268 ] ( إن قامت بينة بأصله ) أي بأصل ما ذكر من القراض الوديعة أن عنده ذلك أو أنه أقر به قبل إقامة الغرماء ولو لم تعين ربه وقبل منه تعيينه ولو لمتهم عليه ، فإن لم تقم بينة بأصله فلا عبرة بإقراره وتحاصصه الغرماء ، ولا يكون في ذمة المفلس ; لأنه معين ، وأما إن أقر مريض في مرضه فيقبل إقراره ولو لم تقم بأصله بينة إذا أقر لمن لا يتهم عليه ( والمختار قبول قول الصانع ) المفلس في تعيين ما بيده لأربابه كهذه السلعة لفلان مع يمين المقر له ولو متهما عليه ( بلا بينة ) بأصله ; لأن الشأن أن ما بيده أمتعة الناس وليس العرف الإشهاد عليه عند الدفع ، ولا يعلم إلا من قوله فلا يتهم أن يقر به لغير ربه ( وحجر أيضا ) على المفلس الأخص بالشروط المتقدمة ( إن تجدد ) له ( مال ) بعد الحجر الأول سواء كان عن أصل كربح مال تركه بيده بعض من فلسه أو عن معاملة جديدة أو غير أصل كميراث وهبة ووصية ودية ; لأن الحجر الأول كان في مال مخصوص فيتصرف في المتجدد إلى أن يحجر عليه فيه ومفهوم الشرط عدم الحجر عليه وإن طال الزمان وبه العمل وقيل يجدد عليه بعد كل ستة أشهر ( وانفك ) الحجر عليه بعد قسم ماله وحلفه أنه لم يكتم شيئا أو وافقه الغرماء على ذلك وبقيت عليه من الدين بقية ( ولو بلا حكم ) [ ص: 269 ] بالفك ، ولو قدم هذا على قوله وحجر أيضا إن تجدد مال لكان أنسب كما لا يخفى ( ولو مكنهم الغريم ) أي المدين فأطلقه أول الباب على رب الدين وهنا على المدين ; لأنه مشترك ( فباعوا ) ماله من غير رفع لحاكم ( واقتسموا ) الثمن على حسب ديونهم أو اقتسموا السلع من غير بيع حيث يسوغ ذلك ( ثم داين غيرهم ) بعد ذلك ففلس ( فلا دخول للأولين ) في أثمان ما أخذه من الآخرين وفيما تجدد عن ذلك إلا أن يفضل عن دينهم فضلة ( كتفليس الحاكم ) أي حكمه بخلع المال للغرماء فداين غيرهم فلا دخل للأولين معهم إلا أن يفضل فضلة ( إلا ) أن يتجدد له مال من غير مال الآخرين ( كإرث وصلة و ) أرش ( جناية ) ووصية وخلع فللأولين الدخول مع الآخرين .