ولما جرى في كلامه ذكر الولي تكلم عليه بقوله ( الأب ) الرشيد لا الجد والأخ والعم إلا بإيصاء من الأب ( والولي ) على المحجور من صغير أو سفيه لم يطرأ عليه السفه بعد بلوغه ربعا أو غيره ( وإن لم يذكر سببه ) أي البيع بل وإن لم يكن له سبب مما يأتي لحمله على السداد عند كثير من أهل العلم ( ثم ) يلي الأب ( وصيه ) فوصي الوصي ( وإن بعد وهل ) هو ( كالأب ) له البيع مطلقا وإن لم يذكر السبب وإن كان لا بد من سبب من الأسباب الآتية لكن لا يلزمه البيان مطلقا ( أو ) لا يلزمه بيانه ( إلا الربع ) أي المنزل والمراد العقار مطلقا إذا باعه ( فببيان السبب ) الآتي ذكره [ ص: 300 ] ( خلاف ( وله البيع ) لمال ولده المحجور له ( مطلقا ) ) ; لأن الهبة إذا فاتت بيد الموهوب له فلا يلزمه إلا القيمة والوصي كالحاكم لا يبيع بالقيمة بخلاف الأب ( ثم ) يلي الوصي ( حاكم ) أو من يقيمه وليس له ) أي للوصي ( هبة ) من مال محجوره ( للثواب ( بثبوت يتمه وإهماله وملكه لما بيع وأنه الأولى ) بالبيع من غيره ( وحيازة الشهود له ) بأن يقولوا للحاكم أو لمن وجهه الحاكم معهم هذا الذي حزناه وأطلعناكم عليه هو الذي شهدنا أو شهد بأنه ملك لليتيم خشية أن يقال بعد ذلك ما بيع ليس هو ما شهد بأنه ملك اليتيم فإن ( وباع ) الحاكم ما دعت الضرورة إلى بيعه من مال اليتيم كفت عن بينة الحيازة كما عندنا شهدت بينة الملك أنه بيت في المكان الفلاني صفته كذا وكذا وتنتهي حدوده إلى كذا وكذا بمصر ( والتسوق ) بالمبيع أي إظهاره للبيع والمناداة عليه ( و ) ثبوت ( عدم إلغاء ) أي وجود ( زائد ) على الثمن الذي أعطى فيه ( والسداد في الثمن ) المعطى بأن يكون ثمن المثل فأكثر وأن يكون عينا حالا لا عرضا ولا مؤجلا خوف الرخص والعدم ( وفي ) لزوم ( تصريحه بأسماء الشهود ) الشاهدين بذلك ( قولان ) محلهما في الحاكم العدل الضابط وأما غيره فلا بد من التصريح بهم وإلا نقض حكمه وأما الغائب فلا بد من التصريح بهم وإلا نقض حكمه كما سيأتي للمصنف والشروط المذكورة شروط في صحة البيع كما صرحوا به ( لا حاضن ) أي كافل ( كجد ) وأم وعم فليس بولي على اليتيم فلا يبيع متاعه ما لم يكن وصيا بالنص [ ص: 301 ] واستحسن أن العرف كالنص كما يقع كثيرا لأهل البوادي وغيرهم أن يموت الأب ولا يوصي على أولاده اعتمادا على أخ أو عم أو جد ويكفل الصغار من ذكر فلهم البيع بشروطه ويمضي ولا ينقض وينبغي أن يكون ذلك فيمن عرف بالشفقة وحسن التربية وإلا فلا بد من حاكم أو جماعة المسلمين ( وعمل بإمضاء ) ( وفي حده ) أي اليسير بعشرة دنانير أو عشرين أو ثلاثين ( تردد ) والظاهر الرجوع للعرف وهو يختلف باختلاف الأشخاص والمكان والزمان ( وللولي ) أبا أو غيره ( ترك التشفع ) أي الأخذ لمحجوره بالشفعة إذا كان نظرا ( و ) ترك ( القصاص ) الواجب للصغير خاصة وأما السفيه فينظر لنفسه كما تقدم في قوله وقصاص وإذا تركا بالنظر ( فيسقطان ) فلا قيام للمحجور بهما إذا بلغ ورشد بخلاف تركهما على غير وجه النظر فله القيام كما يأتي في قوله أو أسقط وصي أو أب بلا نظر ( ولا يعفو ) في عمد أو خطإ مجانا أو على أقل من الدية إلا لعسر كما يأتي في الجراح تصرف الحاضن في الشيء ( اليسير ) حيث لا شرط ولا عرف بل يجوز ابتداء ( بعوض ) من غير مال العبد ( كأبيه ) أي أبي المحجور الصغير أو السفيه وإن بلا عوض ففرق بين عتق رقيقه إذا كان غير أبيه وبين ما إذا كان أباه لكن محل مضي عتق أبيه ( إن أيسر ) الأب يوم العتق أو بعده قبل النظر فيه وغرم من ماله ثمنه فإن أعسر لم يجز عتقه ورد ثم ذكر مسائل على سبيل الاستطراد والأنسب ذكرها بباب القضاء فقال ( وإنما يحكم ) أي إنما يجوز ابتداء أن يحكم ( في الرشد و ) في ضده وهو السفه اللذين تقدم [ ص: 302 ] بيانهما ( و ) في شأن ( الوصية ) من تقديم وصي ومن كون الموصى له إذا تعدد يحصل الاشتراك أو يختص به أحدهما ومن صحتها وفسادها وغير ذلك ( و ) في ( الحبس المعقب ) أي المتعلق بموجود ومعدوم كحبس على زيد وعقبه ; لأنه حكم على غائب وأما غير المعقب كعلى زيد فلا يتقيد بالقضاة لكون الحكم فيه على غير غائب ( و ) في ( أمر الغائب ) فيما يباع عليه لنفقة زوجته أو ولده أو دينه ( و ) في ( النسب ) من لحوق وعدمه ( و ) في ( الولاء ) ككون فلان له الولاء على فلان ( و ) في ( حد ) لحر أو رقيق متزوج بغير ملك سيده ( وقصاص ) في نفس أو طرف ( ومال يتيم ) الأولى وأمر يتيم ليشمل ترشيده وضده وتقديم مقدم عليه وتعدده وانفراده وغير ذلك ( القضاة ) فاعل يحكم لخطر هذه العشرة أو لتعلق حق الله أو حق من ليس موجودا بها فإن حكم فيها غيرهم مضى إن حكم صوابا وأدب والمراد القضاة أو نوابهم وأولى السلطان بخلاف المحكم والوالي ووالي الماء ونحوهم ولما جرى ذكر السبب الذي يباع له عقار اليتيم في قوله أو إلا الربع فببيان السبب شرع في تعداد وجوهه وهي أحد عشر ذكر منها عشرة وأسقط الخوف عليه من ظالم لعلمه بالأولى أو لدخوله في أولها فقال ( وإنما ( ومضى عتقه ) أي الولي لعبد محجوره الذي لا وصي له وباع الحاكم بشروطه المتقدمة أو له وصي على أحد المشهورين المتقدمين ( لحاجة ) كنفقة أو وفاء دين لا قضاء له إلا من ثمنه ( أو غبطة ) بأن زيد في ثمن مثله الثلث فأكثر من مال حلال ( أو لكونه موظفا ) أي عليه خراج أي حكر فيباع ويبدل بما لا حكر عليه إلا أن يكون الموظف أكثر نفعا فلا يباع ( أو ) لكونه ( حصة ) فيستبدل به غيره كاملا للسلامة من ضرر الشركة ( أو قلت غلته ) وأولى إذا لم يكن له غلة ( فيستبدل ) أي فيباع ليستبدل له ( خلافه ) وهذا راجع لما عدا البيع لحاجة حتى ما يباع لغبطة وراجع لما بعده أيضا ما عدا مسألة أو لإرادة شريكه بيعا ( أو ) لكونه أي مسكنه ( بين ذميين ) وإن قلوا فيستبدل له مسكن بين مسلمين لا عقاره الذي للتجر أو الكراء لغلوه غالبا بين ذميين ( أو ) لكونه بين ( جيران سوء ) يخشى منهم الضرر في الدين أو الدنيا فيشمل أهل البدع فيستبدل له منزل بين أهل السنة ( أو لإرادة شريكه بيعا ) فيما لا ينقسم ( ولا مال له ) يشتري له به حصة الشريك وإن لم يستبدل خلافه كما مر ( أو لخشية انتقال العمارة ) عنه فيصير منفردا عنها ( أو ) خشية ( الخراب ولا مال له ) يعمر به ( أو له ) مال ( والبيع أولى ) من العمارة لغرض من الأغراض يباع عقاره ) [ ص: 303 ] أي اليتيم