ثم انتقل يتكلم على بقوله ( وجازت ) الشهادة والمراد بالجواز هنا الإذن كالذي قبله لأنها قد تجب ( بسماع ) أي بسببه ( فشا ) أي انتشر واشتهر ( عن ثقات وغيرهم ) المراد أنهم يعتمدون في شهادتهم على ذلك كما في المدونة [ ص: 196 ] وليس المراد أنه لا بد من ذكرهم ذلك في شهادتهم وقيل لا بد أن يقولوا في شهادتهم لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم وهو التحقيق وعليه فاختلف أيضا في اعتمادهم على ذلك هل لا بد من الجمع بين الثقات وغيرهم وعليه شهادة السماع أبو الحسن عن المدونة المتيطي وبه العمل أو يكتفى بأحدهما وهو قول ابن القاسم وعليه جماعة وهو الأشهر وعليه فالواو في قوله وغيرهم بمعنى أو لمنع الخلو ورجح كل من القولين واعلم أن شهادة السماع إنما جازت للضرورة على خلاف الأصل لأن الأصل أن الإنسان لا يشهد إلا بما تدركه حواسه قاله أبو إسحاق كما أشار له بقوله ( بملك لحائز ) فلا ينزع بها من يد حائز ( متصرف ) حوزا ( طويلا ) فطويلا متعلق بحائز لا بمتصرف واعترض على وتكون شهادة السماع في الأملاك وغيرها المصنف بأن بل ولا طول الحيازة كما يفيده النقل فالصواب حذف متصرف طويلا من هنا وإنما يشترطان في الحيازة الآتية أي في الشهادة بالحيازة عشرة أعوام أو غيرها على ما سيأتي ( وقدمت بينة الملك ) بتا على بينة السماع بالملك يعني إذا التصرف لا يشترط في شهادة السماع قدمت بينة البت على بينة السماع فينزع بينة البت من الحائز فلو قال شهدت بينة بملك دار مثلا لشخص بتا وشهدت أخرى بملكها الآخر سماعا المصنف وقدمت بينة البت لكان أصوب ( إلا بسماع ) أي إلا أن تشهد بينة السماع [ ص: 197 ] ( أنه اشتراها ) أي الذات المتنازع فيها المحوزة لذي بينة السماع ( من كأبي القائم ) وهو صاحب بينة البت فتقدم بينة السماع يعني أن محل تقديم بينة البت ما لم تشهد بينة السماع بأن الذات المتنازع فيها قد انتقلت للمدعي بملك جديد شراء أو هبة أو صدقة من أبي القائم أو جده والموضوع أن صاحب بينة السماع حائز للمتنازع فيه كما علمت وإلا قدمت بينة البت على بينة السماع الناقلة لما علمت أنه لا ينزع بها من يد الحائز