وذكر الركن الثاني ، وهو المجني عليه مع شرطه بقوله ( معصوما ) ، وهو معمول لقوله أتلف لعدم عصمته ; لأنه يصير حربيا بمجرد ردته أي له حكمه في الجملة ولو جعل فلا قصاص على قاتل مرتد المصنف المكافأة شرطا في المجني عليه دون الجاني بأن يقول معصوما غير ناقص حرية ، أو إسلام إلا لغيلة وحذف قوله غير زائد إلخ كان أبين ( للتلف ، والإصابة ) اللام بمعنى إلى لانتهاء الغاية أي ، والإصابة في الجرح فيشترط في النفس العصمة من حين الضرب ، أو الجرح إلى حين الموت وفي الجرح من حين الرمي إلى حين الإصابة فلا بد من اعتبار الحالين معا في النفس ، والجرح [ ص: 239 ] أي حال البدء وحال الانتهاء فلو يشترط في المجني عليه أن يكون معصوما إلى حين تلف النفس أي موتها اعتبر حال الرمي فلا يقتل الذمي به إن مات ; لأنه غير معصوم حال الرمي ، وإن صار معصوما حال الإصابة ، وكذا لو رمى ذمي مرتدا وقبل وصول الرمية إليه أسلم المرتد لم يقتل الذمي الجارح به مراعاة لحال الجرح ولو جرحه ، ثم أسلم ونزا ومات فلا قود نظرا لحال الموت نعم يثبت القصاص في الجرح فلو قطع يده ، وهو حر مسلم ، ثم ارتد المقطوع ومات مرتدا لثبت القصاص في القطع ; لأنه كان معصوما حالة الإصابة . رمى مسلم مسلما ، أو جرحه فارتد المرمي قبل وصول السهم إليه ، أو ارتد المجروح قبل موته منه
ثم بين أن بقوله ( بإيمان ) أي إسلام ( أو أمان ) من السلطان ، أو غيره ومراده بالأمان ما يشمل عقد الجزية ومثل للمعصوم كما هو شأنه أن يمثل بما خفي بقوله ( كالقاتل ) عمدا وعدوانا فإنه معصوم ( من غير المستحق ) لدمه وأما بالنسبة لمستحق دمه ، وهو ولي المقتول فليس بمعصوم ، لكن إن وقع منه قتل للقاتل بلا إذن الإمام ، أو نائبه فإنه يؤدب لافتياته على الإمام . العصمة تكون بأمرين
فقوله ( وأدب ) راجع لمفهوم غير المستحق فلو قال لا من المستحق وأدب كان أبين ( كمرتد ) تشبيه في أدب قاتله أي فإنه يؤدب ولا يقتل به سواء قتله زمن الاستتابة ، أو بعدها ، وإنما عليه ديته ثلث خمس دية مسلم كدية المجوسي المستأمن كقاتل شخص مرتد بغير إذن الإمام فيؤدب ( و ) قاتل ( زان أحصن ) بغير إذن الإمام فيؤدب لافتياته على الإمام وقوله ( فالقود عينا ) جواب قوله إن أتلف مكلف وقوله عينا أي متعينا فليس للولي أن يلزم الدية للجاني جبرا ، وإنما له أن يعفو مجانا ، أو يقتص وجاز العفو على الدية ، أو أكثر ، أو أقل منها برضا الجاني [ ص: 240 ] ( و ) قاطع ( يد ) شخص ( سارق ) أي ثبتت سرقته ببينة ، أو إقرار
وقال له التخيير بين القود ، والعفو على الدية جبرا على الجاني ، وهو ضعيف فمعنى أشهب المصنف أن المكلف إن أتلف فليس للولي إن أراد أخذ جزاء الجناية إلا القود لا الدية ، وهذا لا ينافي أن له العفو مجانا ، أو أخذ الدية برضا الجاني وبالغ على ثبوت القود للولي بقوله ( ولو ) . ( قال ) المقتول لقاتله ( إن قتلتني أبرأتك ) فقتله
وكذا إن فلا يبرأ القاتل بذلك بل للولي القود ; لأنه أسقط حقا قبل وجوبه ولذا لو قال له بعد جرحه قبل إنفاذ مقتله أبرأتك من دمي برئ ; لأنه أسقط شيئا بعد وجوبه ، وكذا إن أبرأه بعد إنفاذ مقتله ، أو قال له إن مت فقد أبرأتك فله القصاص إن لم يستمر على البراءة بعد القطع ما لم يترام به القطع حتى مات منه فلوليه القسامة ، والقصاص ، أو الدية . قال له اقطع يدي ولا شيء عليك
ولما ذكر أن القود متعين رتب عليه قوله ( مطلق ) في عفوه بكسر اللام اسم فاعل بأن لم يصرح حال العفو بدية ولا غيرها ( إلا أن تظهر ) بقرائن الأحوال ( إرادتها ) ويقول بالحضرة إنما عفوت على الدية ( فيحلف ) أي فيصدق بيمين ( ويبقى على حقه ) في القتل ( إن امتنع ) القاتل من إعطاء الدية فإن لم يقل ذلك بالحضرة بل بعد طول فلا شيء له وبطل حقه لمنافاة الطول الإرادة المذكورة ( كعفوه ) أي الولي ( عن العبد ) الذي قتل عبدا مثله ، أو حرا وقال إنما عفوت لآخذه ، أو آخذ قيمته ، أو آخذ قيمة المقتول ، أو دية الحر فلا شيء له إلا أن تظهر إرادة ذلك فيحلف ويخير سيد العبد الجاني بين دفعه ، أو دفع قيمته ، أو قيمة المقتول ، أو دية الحر ويدفعها حالة كما في المدونة وقيل منجمة ، والخلاف في العمد وأما في الخطإ فتنجم قطعا كما يأتي ( واستحق ولي ) المقتول لمقتول قتل قاتله أجنبي ( دم من ) أي دم الأجنبي الذي ( قتل القاتل ) فلو ( ولا دية لعاف ) أي لولي عاف عن القاتل فولي عمرو يستحق دم الأجنبي القاتل لزيد فإن شاء قتل الأجنبي ، وإن شاء عفا عنه ( أو قطع ) أي واستحق مقطوع يده مثلا عمدا عدوانا فقطع أجنبي يد القاطع عمدا عدوانا قطع يد من قطع ( يد القاطع ) قتل زيد عمرا فقتل أجنبي زيدا فالمصنف أطلق الولي على ما يشمل المقطوع مجازا وحذف المعطوف على دم متعلقه تقديره قطع يد من كما قدرنا ( كدية خطإ ) تشبيه في الاستحقاق أي من استحق دم شخص لكونه قتل أباه مثلا عمدا عدوانا [ ص: 241 ] فمستحق الدم يستحق الدية من القاتل خطأ على عاقلته وليس لأوليائه مقال معه ; لأنه لما استحق دمه صار كأنه الولي ، وكذا لو فقتل شخص القاتل خطأ فلمستحق القطع دية يده من القاطع خطأ لقاطع يده وكلام قطع شخص يد آخر عمدا فقطع أجنبي يد القاطع خطأ المصنف يشمله ( فإن أرضاه ) أي أرضى المستحق ( ولي ) المقتول ( الثاني فله ) أي فيصير دم القاتل الثاني لولي المقتول الثاني إن شاء قتل ، وإن شاء عفا ( وإن ) مثلا ( ولو ) حصل ذلك ( من الولي ) المستحق لقتله ( بعد أن أسلم له ) من الحاكم فأولى قبل أن يسلم له الداخل فيما قبل المبالغة ( فله ) أي للقاتل ( القود ) من الولي ; لأن أطراف القاتل معصومة حتى بالنسبة لولي الدم فأولى غيره الداخل فيما قبل المبالغة أيضا ( وقتل الأدنى ) صفة ( بالأعلى كحر كتابي ) يقتل ( بعبد مسلم ) ، فالحرية في الكتابي أدنى من الإسلام في العبد لشرف الإسلام على الحرية بخلاف العكس فلا يقتل عبد مسلم بحر كتابي كما مر ( فقئت عين القاتل ) عمدا ( أو قطعت يده ) ; لأن الكفر كله ملة واحدة وبين الكفار بقوله ( من كتابي ) يهودي ، أو نصراني ( ومجوسي ومؤمن ) اسم مفعول ، وهو من داخل دار الإسلام بأمان وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص وخرج به الحربي فلا قصاص فيه كما تقدم ودخل في الإطلاق المشركون ، ( و ) يقتل ( الكفار ) مطلقا ( بعضهم ببعض ) والدهريون ، والقائلون بالتناسخ ، أو بقدم العالم وغيرهم من أصناف أهل الكفر ، وهذا بشرط التكافؤ في الحرية ، أو الرقية فلا يقتل حر بعبد أخذا مما قدمه بقوله ولا زائد حرية ( كذوي الرق ) يقتص لبعضهم من بعض ، وإن بشائبة حرية فيقتل مبعض ، وإن قل جزء رقه ومكاتب وأم ولد بقن خالص ولا يقتص من الحر المسلم لهم لنقصهم عنه ( وإن ) ( وذكر ) بأنثى ( وصحيح ) بمريض ( وضدهما ) بهما ( خير الولي ) ابتداء في قتل العبد واستحيائه ( فإن ) اختار قتله فواضح ، وإن ( استحياه فلسيده ) الخيار ثانيا في أحد أمرين ( إسلامه ) للولي ( أو فداؤه ) بدية الحر ، أو بقيمة العبد المقتول ، أو القاتل ومفهوم ببينة ، أو قسامة أنه لو ثبت بإقرار القاتل أنه لا يكون الحكم كذلك ، والحكم أنه ليس للولي استحياؤه [ ص: 242 ] فإن استحياه بطل حقه إلا أن يدعي الجهل ومثله يجهل ذلك فإنه يحلف ويبقى على حقه في القصاص وكلام ( قتل عبد ) عبدا مثله ، أو حرا ( عمدا ) وثبت ( ببينة ) مطلقا ( أو قسامة ) في الحر المصنف في العمد وأما في الخطإ فيخير سيده في الدية ، وإسلامه