، ثم انتقل يتكلم على ، والجراح عشرة اثنان يختصان بالرأس ، وهما الآمة ، والدامغة [ ص: 251 ] ولا قصاص فيهما وثمانية تكون في الرأس ، أو الخد ، وهي المنقلة ، والموضحة وما قبلها ، وهي ستة وفيها القصاص إلا منقلة الرأس فقال واقتص من ( موضحة ) بكسر الضاد وبينها بقوله ، وهي ما ( أوضحت عظم الرأس ) أي أظهرته ( و ) عظم ( الجبهة ، والخدين ) ، والواو فيهما بمعنى ، أو فما ، أوضح عظم غير ما ذكر ولو أنفا ، أو لحيا أسفل لا يسمى موضحة عند الفقهاء ، وإن اقتص من عمده ولا يشترط في الموضحة ما له بال بل ( وإن ) ، أوضحت ( كإبرة ) أي قدر مغرزها ( و ) اقتص من ( سابقها ) أي الموضحة أي ما يوجد قبلها من الجراحات ، وهي ستة ثلاثة متعلقة بالجلد وثلاثة باللحم ورتبها على حكم وجودها الخارجي فقال ( من دامية ) ، وهي التي تضعف الجلد فيرشح منه دم من غير شق الجلد ( وحارصة شقت الجلد ) وأفضت للحم ( وسمحاق ) بالكسر ( كشطته ) أي الجلد أي أزالته عن محله وذكر الثلاثة المتعلقة باللحم بقوله ( وباضعة شقت اللحم ومتلاحمة غاصت فيه ) أي في اللحم ( بتعدد ) أي في عدة مواضع ولم تقرب من العظم ( وملطأة ) بكسر الميم ( قربت للعظم ) ولم تصل له ( كضربة السوط ) فيها القصاص بخلاف اللطمة كما يأتي ; لأنه لا انضباط لها ولا ينشأ عنها جرح غالبا بخلاف السوط ، والضرب بالعصا كاللطمة في المشهور إلا أن ينشأ عما ذكر جرح وأشار لما يفترق فيه الجسد من غيره فقال عاطفا على موضحة ( و ) اقتص من ( جراح الجسد ) غير الرأس ( وإن منقلة ) ويأتي له تفسيرها وخصها بالذكر لدفع توهم أنه لا يقتص لها كمنقلة الرأس ويعتبر ( بالمساحة ) فيقاس الجرح طولا وعرضا وعمقا فقد يكون نصف عضو المجني عليه وجل عضو الجاني ، أو كله وبالعكس ، وهذا ( إن اتحد المحل ) فلا يقتص من جرح عضو أيمن في أيسر ولا عكسه ما يقتص منه من الجراح وما لا يقتص ولا تقطع سبابة مثلا بإبهام وشبه في القصاص قوله ( كطبيب ) [ ص: 252 ] المراد به ولو كان عضو المجني عليه طويلا وعضو الجاني قصيرا فلا يكمل بقية الجرح من عضوه الثاني فيقتص منه بقدر ما زاده فلو نقص ولو عمدا فلا يقتص ثانيا فإن مات المقتص منه فلا شيء على الطبيب إذا لم يزد عمدا ( وإلا ) يتحد المحل ، أو لم يتعمد الطبيب الزيادة بل أخطأ ( فالعقل ) على الجاني وسقط القصاص فإن كان عمدا ، أو دون الثلث ففي ماله ، وإلا فعلى العاقلة ( كذي شلاء عدمت النفع ) جنى عليها فيؤخذ عقلها ( بصحيحة ) أي من ذي صحيحة جنى عليها ( وبالعكس ) أي جنى صاحب الشلاء عادمة النفع على الصحيحة فلا قصاص ويتعين العقل ويجوز أن يكون المعنى كذي شلاء عدمت النفع جنى على صحيحة فلا يقتص منها بالصحيحة وبالعكس ، والمراد واحد وظاهره ولو رضي صاحب الصحيحة بقطع الشلاء المذكورة ، وهو كذلك ومفهوم عدمت النفع أنه لو كان فيها نفع لكانت كالصحيحة في الجناية لها وعليها ، وهو كذلك ( وعين أعمى ) أي حدقته جنى عليها ذو سالمة بأن قلعها فإن السالمة لا تؤخذ بها لعدم المماثلة بل يلزمه حكومة بالاجتهاد وفي العكس الدية ( ولسان أبكم ) لا يقطع بناطق ولا عكسه وفي قطع الناطق الدية وفي عكسه الحكومة وعطف على ما يتعين فيه العقل وينتفي فيه القصاص قوله ( وما بعد الموضحة ) لا قصاص فيه ويتعين فيه العقل إن برئ ; لأنه من المتالف وبينه بقوله ( من منقلة ) بكسر القاف مشددة في الرأس ، وهي التي ( طار ) أي زال ( فراش العظم ) بفتح الفاء وكسرها أي العظم الرقيق كقشر البصل أي يزيله الطبيب ( من ) أجل ( الدواء ) لتلتئم الجراح ، فالمراد أن المنقلة هي التي أطار أي أزال الطبيب ونقل صغار العظم منها لأجل الدواء أي ما شأنها ذلك ( وآمة ) بفتح الهمزة ممدودة ، وهي ما ( أفضت للدماغ ) أي المخ أي لأم الدماغ وأم الدماغ جلدة رقيقة مفروشة على الدماغ متى انكشفت عنه مات ( ودامغة ) بغين معجمة ( خرقت خريطته ) أي الدماغ ولم تنكشف بل بنحو قدر مغرز إبرة ، وإلا مات فما بعد الموضحة ثلاثة أشياء ( ولطمة ) أي ضربة على الخد بباطن الكف لا قصاص فيها ولا عقل أيضا ، وإنما في عمدها الأدب فقط ، وهذا ما لم يترتب عليها جرح ، أو ذهاب منفعة ، وإلا اقتص منه على ما سيأتي وفي نسخة كلطمة بكاف التشبيه [ ص: 253 ] أي في عدم القصاص ، وهي ، أولى ; لأن العطف يوهم أنه من جملة بيان ما بعد الموضحة من باشر القصاص من الجاني ( زاد ) على المساحة المطلوبة ( عمدا ) ، وهو بضم الشين المعجمة الهدب النابت بأطراف الجفن ( وشفر عين ) لا قصاص فيه فيجب على المعتمد واستثنى من قوله وجراح الجسد قوله ( وإلا أن يعظم الخطر ) بفتح الخاء المعجمة ، والطاء المهملة الخوف ، أو الإشراف على الهلاك ( في غيرها ) أي غير الجراح التي بعد الموضحة أي جراح الجسد غير ما بعد الموضحة فيها القصاص إلا أن يعظم فيها الخطر فلا قصاص ولو ترك الواو لكان ، أولى ; لأن إثباتها يقتضي أنه معطوف على الاستثناء قبله ، وهو ليس بصحيح ( كعظم الصدر ) أي كسره فلا قصاص فيه ، وكذا عظم الصلب ، أو العنق ويجب فيها العقل كاملا ( وفيها : أخاف في رض الأنثيين أن يتلف ) الجاني لو اقتص منه فيلزم أخذ نفس فيما دونها ، أو إنما فيه العقل كاملا ومفهوم رض أن في قطعهما ، أو جرحهما القصاص ; لأنه ليس من المتالف وضمير أخاف للإمام ، أو ( وحاجب ولحية ) لا قصاص على من نتفه ، أو حلقه ( وعمده ) أي ما ذكر مما لا قصاص فيه ( كالخطإ إلا في الأدب ) ابن القاسم ( وإن ذهب كبصر ) من المعاني كسمع وشم وذوق وكلام ( بجرح ) أي بسبب جرح من شخص عمدا لآخر فيه قصاص كالموضحة ( اقتص منه ) أي من الجاني بمثله ( فإن حصل ) للجاني مثل الذاهب من المجني عليه ( أو زاد ) بأن ذهب شيء آخر مع الذاهب ، فالأمر ظاهر ( وإلا ) يحصل مثل الذاهب بأن لم يحصل شيء ، أو حصل غيره ( فدية ما لم يذهب ) حقه فدية ما ذهب في ماله ، أو هو على حذف مضاف أي فدية مماثل ما لم يذهب ( وإن ذهب ) البصر ونحوه بما لا قصاص فيه كلطمة ، أو ضربة بقضيب ( والعين قائمة ) لم تنخسف ( فإن استطيع ) أي أمكن ( كذلك ) أي ; إذهاب بصره بحيلة من الحيل [ ص: 254 ] لا خصوص اللطمة ، أو الضرب ; لأن الضرب لا يقتص منه ، وإنما يقتص من الجروح كما في الآية فعل به ما يستطاع ( وإلا ، فالعقل ) متعين ، فالمسألة السابقة ذهب نحو البصر بشيء فيه القصاص ، وهذه ذهب بشيء لا قصاص فيه فافترقا ولا نظر لكون العين قائمة فلو قال المصنف ، وإن ذهب بكلطمة فإن استطيع ، وإلا ، فالعقل ولوفى بالمراد ويحذف قوله كذلك ; لأنه يوهم أنه لا بد أن يفعل به مثل الفعل الذي فعله وليس كذلك كما تقدم ( كأن شلت يده بضربة ) بجرح عمدا على رأسه مثلا فيقتص منه فإن شلت يد الجاني ، وإلا ، فالعقل ( وإن ) ( فلا شيء للمجني عليه ) من قصاص ولا دية كموت القاتل عمدا بسماوي ، أو غيره فلا شيء للمقتول ; لأن حقه إنما تعلق بالعضو المخصوص فلما زال سقط حق المجني عليه ، وكذا في النفس بخلاف مقطوع اليد قبل الجناية فعليه الدية ( وإن ) ( قطعت ) بعد الجنابة ( يد قاطع ) ليد غيره عمدا ( بسماوي ، أو سرقة ، أو قصاص لغيره ) أي غير المجني عليه كقطعه يد آخر فاقتص منه ( فللمجني عليه القصاص ) بأن يقطع الناقصة من المرفق ( أو الدية ) ، وإنما خير ; لأن الجاني لما كان ناقص العضو لم يتعين القصاص ; لأنه أقل من حق المجني عليه ولم يجز الانتقال لعضو آخر ولم تتعين الدية ; لأنه جنى عمدا فثبت الخيار بين القصاص ، والدية وليس له القصاص مع أخذ الدية معتلا بأن في الساعد حكومة ; إذ لا يجمع بين دية وقصاص ( كمقطوع الحشفة ) يقطع ذكر غيره فيخير المجني عليه بين القصاص بأن يقطع الباقي من ذكر الجاني وأخذ الدية ( قطع أقطع الكف ) يد غيره ( من المرفق ) في نقص الأصبع ( وخير إن نقصت ) يده ، أو رجله ( أكثر ) من أصبع ( فيه ) أي في القصاص ( وفي ) أخذ ( الدية ) أي دية المجني عليه لا الجاني ( وإن ) ( وتقطع اليد ) ، أو الرجل ( الناقصة أصبعا بالكاملة بلا غرم ) على الجاني ولا خيار للمجني عليه ( ولو ) كان الناقص من المجني عليه ( إبهاما ) ، والأولى تقديم المبالغة على جواب الشرط ( لا ) إن نقصت يد المجني عليه [ ص: 255 ] ( أكثر ) من أصبع بأن نقصت إصبعين فأكثر فلا يقتص لها من كاملة جنت ، ثم إن كان الباقي من المجني عليها أكثر من أصبع فله ديته ولا شيء للكف لاندراجه في الأصابع ، وإن كان أصبعا فقط فدية وفي الكف حكومة نقله ( نقصت يد المجني عليه ) ، أو رجله أصبعا ( فالقود ) على الجاني الكامل الأصابع المواق عن فإن لم يكن له إلا الكف فليس عليه إلا الحكومة ، وإنما خير المجني عليه إذا كانت يد الجاني ناقصة أكثر من أصبع وتعين العقل فيما إذا كانت يد المجني عليه ناقصة أكثر ; لأن المجني عليه إذا اختار القود بقطع الناقصة من الجاني فقد رضي بترك بعض حقه وذلك له ، وإذا كانت يده هي الناقصة أكثر وأراد القصاص من الجاني ذي اليد الكاملة لزم أن يأخذ أزيد من حقه ابن رشد ( وإن رضيا ) معا بذلك فأولى إذا لم يرضيا فإن وقع أجزأ ولا يعاد القصاص ، وإنما منع مع أن المجني عليه قد رضي بترك بعض حقه ; لأن المماثلة مع الإمكان حق لله لا يجوز تركها لقوله تعالى { ( ولا يجوز ) القصاص ( بكوع ) أي منه ( لذي مرفق ) أي لمجني عليه من مرفق والجروح قصاص }