، ثم شرع في بيان بقوله ( وهي ) أي العاقلة عدة أمور ( العصبة ) وأهل الديوان ، والموالي الأعلون ، والأسفلون فبيت المال بدليل ما سيأتي له ( وبدئ الديوان ) أي بأهله على عصبة الجاني ; إذ الديوان اسم للدفتر الذي يضبط فيه أسماء [ ص: 283 ] الجند وعددهم وعطاؤهم ( إن أعطوا ) هذا شرط في التبدئة لا في كونهم عاقلة ; لأنهم عاقلة مطلقا يعني أنه يبدأ بالدية بأهل الديوان حيث كان الجاني من الجند ولو كانوا من قبائل شتى ومحل التبدئة بهم إذا كانوا يعطون أرزاقهم المعينة لهم في الدفتر من المعلوفات والجامكيات ( ثم ) إن لم يكن ديوان ، أو كان وليس الجاني منهم ، أو منهم ولم يعطوا بدئ ( بها ) أي بالعصبة ( الأقرب ، فالأقرب ) من العصبة ( ثم ) إن لم يكن للجاني عصبة ولا أهل ديوان قدم ( الموالي الأعلون ) على الترتيب الآتي في الولاء ( ثم ) إن لم يكونوا قدم الموالي ( الأسفلون ) على بيت المال ( ثم بيت المال إن كان الجاني مسلما ) ; لأن بيت المال لا يعقل عن كافر ، وهل على الجاني بقدر قوته معه ، أو لا محل نظر ، وإلا ظهر الأول فإن لم يكن بيت مال ، أو تعذر الوصول إليه فعلى الجاني في ماله ، والحق أن هذا الشرط راجع لجميع ما قبله بدليل قوله ( وإلا ) يكن الجاني مسلما بل كافرا ( فالذمي ) يعقل عنه ( ذوو دينه ) الذين معه في بلده العاقلة التي تحمل الدية النصارى عن النصراني واليهود عن اليهودي ، والمراد بذي دينه من يحمل معه الجزية أن لو ضربت عليه ، وإن لم يكونوا من أقاربه فيشمل المرأة إذا جنت وأما العبد الكافر إذا أعتقه مسلم فالذي يعقل عنه إذا جنى بيت المال ; لأنه الذي يرثه لا من أعتقه ; لأنه لا يرثه كما في المدونة [ ص: 284 ] ولا أهل دينه فإن لم يكتف بأهل بلده ضم إليهم أقرب القرى إليهم ، وهكذا حتى ما يحصل فيه الكفاية من تمام العدد الآتي بيانه كما أشار له بقوله ( و ) إذا قصر ما في بلد الجاني عن الكفاية ( ضم ككور ولا يعقل نصراني عن يهودي ولا عكسه مصر ) الكور بضم الكاف وفتح الواو جمع كورة بضم الكاف وسكون الواو ، وهي المدينة أي البلد التي يسكنها الناس ، والأولى أن يحمل كلامه على ما يعم الذمي وغيره ولا يقصر على الأول أما الذمي فقد علمت المراد منه وأما المسلم فمعناه أنه يبدأ بأهل الديوان من أهل بلده إن كان الجاني من الجند فإن كان فيهم الكفاية فظاهر ، وإلا كمل العدد من أقرب بلد فيها أهل الديوان ، وهكذا فإذا كان الجاني من أهل القاهرة ولم يكن في أهل ديوانه كفاية كمل من أهل بولاق فإن لم يكن فيهم كفاية كمل من أقرب البلاد إليها مما فيها ديوان لا مطلق بلد ولو كان الجاني من أهل منفلوط بدئ بأهل ديوانهم وكمل من أهل أسيوط ، وهكذا ، وكذا يقال في العصبة ، والموالي وقوله ككور مصر أي كور مصر ونحوها من الأقاليم فمصر إقليم وفيها كور الشام إقليم آخر وفيه كور ، والحجاز إقليم وفيه كور ولا يضم أهل إقليم لأهل إقليم آخر كما يأتي في قوله ولا دخول لبدوي مع حضري ولا شامي مع مصري ولا يعتبر فيهم ديوان ولا عصبة ولا موالي ولا بيت مال إن كان لهم ذلك على الراجح ما داموا كفارا كالذمي ( والصلحي ) يؤدي عنه ( أهل صلحه ) من أهل دينه ; لأنها مواساة وطريقها عدم التكلف ، فهذا راجع لجميع ما تقدم ( وعقل عن صبي ومجنون وامرأة وفقير وغارم ) إذا جنوا ، والغارم أخص من الفقير ( ولا يعقلون ) عن غيرهم ولا عن أنفسهم كما هو ظاهر النقل ، لكن قوله ولا يعقلون بالنسبة للمرأة مستغنى عنه بقوله ، وهي العصبة ; إذ تخرج منه المرأة وجوابه أنه ذكره بالنسبة إلى الموالي فإنها تشمل الإناث ( وضرب على كل ) ممن لزمته الدية من أهل ديوان وعصبة وموالي وذمي وصلحي ( ما لا يضر ) به بل على قدر طاقته [ ص: 285 ] ( لا إن قدم غائب ) غيبة انقطاع وقت الضرب ولا إن بلغ صبي ، أو عقل مجنون ، أو تحرر عبد ، أو اتضحت ذكورة خنثى مشكل بعد الضرب فلا شيء عليه ( ولا يسقط ) ما ضرب على واحد منهم بقدر حاله ( لعسره ، أو موته ) بعد ضربها عليه ولا لجنونه ولا لغيبته رافضا سكنى بلده بعد الضرب ( ولا دخول لبدوي ) من عصبة الجاني ( مع حضري ) من عصبته ولا عكسه لعدم التناصر بينهما ( ولا شامي ) مثلا ( مع مصري ) مثلا من العصبة ، أو أهل الديوان ( مطلقا ) اتحد جنس المأخوذ عند كل أم لا اشتدت القرابة كابن وأب أم لا بل الدية على أهل قطره الدية ( الكاملة ) لذكر ، أو أنثى مسلم ، أو كافر تنجم ( في ثلاث سنين تحل بأواخرها ) أي ( والمعتبر ) في الصبا ، والجنون وضدهما ، والعسر ، واليسر ، والغيبة ، والحضور ( وقت الضرب ) أي التوزيع على العاقلة على المشهور ( والثلث ) كدية الجائفة ، والمأمومة ( والثلثان ) كجائفتين ، أو جائفة مع مأمومة ( بالنسبة ) للدية الكاملة ، فالثلث في سنة ، والثلثان في سنتين ( ونجم في النصف ) كيد ، أو عين ( و ) في ( الثلاثة الأرباع بالتثليث ، ثم ) يجعل ( للزائد سنة ) ففي النصف يجعل للثلث سنة وللسدس الباقي سنة أخرى وفي الثلاثة الأرباع لكل ثلث سنة ونصف السدس الباقي في سنة ثالثة فتصير هذه كالكاملة وما ذكره في الفرعين ضعيف ، والراجح أن النصف ينجم في سنتين لكل سنة ربع ، والثلاثة الأرباع في ثلاث سنين لكل سنة ربع ( وحكم ما وجب على عواقل ) متعددة ( بجناية واحدة ) كعشرة رجال من قبائل شتى قتلوا رجلا خطأ كحملهم صخرة فسقطت عليه ( كحكم ) العاقلة ( الواحدة ) فينجم ما ينوب كل عاقلة ، وإن كان دون الثلث في ثلاث سنين تحل بأواخرها [ ص: 286 ] ( كتعدد الجنايات عليها ) أي على العاقلة الواحدة كما لو قتل رجل ثلاثة رجال فعليه وعلى عاقلته ثلاث ديات تنجم في ثلاث سنين يحل كل نجم منها ، وهو الثلث بآخر سنته ، أولها ( من يوم الحكم ) لا من يوم القتل زيادة بينة كعشرين رجلا ( قولان ) فعلى الأول لو وجد أقل من السبعمائة ولو كان فيهم كفاية كمل من غيرهم بمعنى أنهم يغرمون ما ينوبهم على تقدير وجود العدد المعتبر ، ثم يكمل العدد من غيرهم فإذا كان العصبة ستمائة يكمل من الموالي الأعلون ما يفي بالسبعمائة فإن لم يوجد الموالي الأعلون ، أو وجد ما لا يكمل السبعمائة كمل من الموالي الأسفلين فإن لم يوجد ما يفي بذلك كمل من بيت المال ولو كان الإخوة فيهم العدد المذكور لم ينتقل للأعمام وأولادهم ، وإلا انتقل للتكميل منهم على الترتيب المعلوم أي الأقرب ، فالأقرب فإذا كمل لم ينتقل لغيرهم وليس المراد بحدها أنه لا يزاد على ذلك لظهور أن العصبة المتساوية ، أو أهل الديوان إذا كانوا ألوفا يلزم كل واحد ما ينوبه ، وكذا يقال على القول الثاني ، فالحاصل أن حد العاقلة الذي لا يضم من بعده له إن وجد هل هو سبعمائة ، أو ما زاد على الألف زيادة بينة بحيث لو وجد الأقل في البلد انتقل للتكميل من غيرهم على الترتيب المتقدم ولا ينتقل للأبعد بعد التكميل ممن هو دونه قولان فإذا لم يوجد غير الجاني لزمه ما ينوبه على تقدير وجود العدد ولزم بيت المال الباقي فإن لم يكن بيت مال لزم الجاني الجميع في ماله كما تقدم ( وهل حدها ) أي حد العاقلة أي أقل حدها الذي لا ينقص عنه ( سبعمائة ، أو ) أقل حدها ( الزائد على الألف )