، ثم انتقل يتكلم على ، وإنها واجبة ومرتبة كما في الآية الكريمة فقال حكم كفارة القتل خطأ لا الكافر ; لأنه ليس من أهل القرب ( وإن ) كان ( صبيا ، أو مجنونا ) ; لأن الكفارة من خطاب الوضع كعوض المتلفات ( أو ) ( وعلى القاتل الحر ) لا العبد لعدم صحة عتقه ( المسلم ) ، أو غيرهما فعلى كل كفارة كاملة ولو كثر الشركاء ( إذا قتل مثله ) خرج كان القاتل ( شريكا ) لصبي ، أو مجنون خرج المرتد فلا كفارة على قاتله ( معصوما ) عفي عنه فلا تجب بل تندب كما يأتي [ ص: 287 ] ( عتق رقبة ) مؤمنة مسلمة ( ولعجزها ) أي وعند العجز عنها ( شهران ) أي صوم شهرين متتابعين ( كالظهار ) أي يشترط في الرقبة وصوم الشهرين هنا ما يشترط فيهما في كفارة الظهار ( لا صائلا ) أي الزنديق ، والزاني المحصن فلا كفارة على قاتلهما ( خطأ ) لا عمدا ، وإنما نص عليه ، وإن خرج بقوله معصوما خطأ لئلا يتوهم فيه الكفارة لعدم القصاص فيه كالخطإ ( و ) لا ( قاتل نفسه ) خطأ وأولى عمدا لعدم الخطاب بموته ( كديته ) أي من ذكر من الصائل وقاتل نفسه فتسقط ، والأظهر رجوع الضمير لقاتل نفسه خطأ أي فلا دية على عاقلته لورثته ; لأنه المتوهم لا كفارة على من قتل صائلا عليه بحيث لا يندفع عنه إلا بالقتل ( وعمد ) لم يقتل به لعفو ، أو لعدم مكافأة ( وعبد ) لنفسه فلا تكرار وفي بعض النسخ بدل عبد ذمي أي عمدا ، أو خطأ وعليها فيعمم في قوله ورقيق ، وهذه النسخة أحسن ( وعليه ) أي ( وندبت ) الكفارة للحر المسلم ( في ) قتل ( جنين ورقيق ) لغيره ، ( وإن ) كان قتله العمد ملتبسا ( بقتل مجوسي ، أو ) قتل ( عبده ) وتقدم أن الجارح عمدا يؤدب ولو اقتص منه ( أو نكول المدعي ) بالجر عطف على قتل أي ، وإن كان القتل العمد المدعى به ملتبسا بنكول المدعي عن أيمان القسامة التي توجهت عليه ( على ذي اللوث ) متعلق بالمدعى ( وحلفه ) الواو بمعنى مع أي مع حلف ذي اللوث ، وهو المدعى عليه وأولى مع نكوله ، وإنما خص حلفه بالذكر لكونه داخلا تحت المبالغة وأما إن نكل فلا يتوهم عدم هذا الحكم الذي هو الجلد ، والحبس يعني إن قام له لوث من أولياء المقتول على شخص فادعى به عليه فطلب من المدعي أيمان القسامة فنكل وردها على المدعى عليه فحلفها وأولى إن لم يحلفها فإن المدعى عليه يجلد مائة ويحبس سنة نظرا للوث على القاتل عمدا البالغ إذا لم يقتل لعفو ، أو لزيادة حرية ، أو إسلام ( مطلقا ) كان القاتل حرا ، أو رقيقا مسلما ، أو كافرا ذكرا ، أو أنثى ( جلد مائة وحبس سنة ) وإن غير بالغ بجرح ، أو ضرب ، أو سم ، أو نحو ذلك لا الرقيق ، والكافر ( في محل اللوث ) بفتح اللام وسكون الواو ، وهو الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بوقوع المدعى به ويسمى اللطخ وفي الحقيقة سببها نفس اللوث أي الأمر الذي ينشأ عنه غلبة الظن بأنه قتل ، وإضافة محل اللوث للبيان وفي بمعنى لام العلة أي لقيام اللوث وذكر للوث الذي تسبب عنه القسامة خمسة أمثلة ، أولها قوله ( كأن يقول ) شخص ( بالغ ) عاقل ، وإن أنثى لا صبي ، وإن مراهقا [ ص: 288 ] وإن وجبت فيه القسامة بغير قوله ولا مجنون ; إذ لا عبرة بقوله شرعا ( حر مسلم قتلني فلان ) ، أو دمي عند فلان ونحو ذلك ( ولو ) قال قتلني ( خطأ ، أو ) كان القاتل ( مسخوطا ) أي فاسقا ادعاه ( على ورع ) بكسر الراء أي قال قتلني فلان ، وهو ورع فإنه يكون لوثا إن شهد على قوله عدلان واستمر على إقراره فإن رجع عن قوله بأن قال بل فلان آخر ، أو قال ما قتلني بل غيره ، أو لا أدري من الذي قتلني بطل اللوث فلا قسامة ( أو ) ( والقسامة ) التي توجب القصاص في العمد ، والدية في الخطأ ( سببها قتل الحر المسلم ) فيقسمون بذلك ويقتل الوالد ( أو زوجة على زوجها ) أي قالت قتلني زوجي فيقسمون ويقتل ، وإنما يقبل قول البالغ المذكور ( إن كان جرح ) به ويسمى التدمية الحمراء وأثر الضرب ، أو السم منزل منزلة الجرح وأما التدمية البيضاء ، فالمشهور عدم قبولها ، فالحاصل أن شروط كون قوله المذكور لوثا ثلاثة الجرح ونحوه ، والتمادي على إقراره وشهادة عدلين عليه وعطف على قوله ما هو في حيز المبالغة فقال ( أو أطلق ) في قوله المذكور أي لم يقيده بعمد ولا خطإ ( وبينوا ) أي ، أولياؤه أنه عمد ، أو خطأ فلهم القسامة على ما بينوا ولهم القصاص في العمد ، والدية في الخطإ ( لا خالفوا ) معطوف على أطلق أي لا إن قيد وخالفوا بأن قال قتلني فلان عمدا وقالوا بل خطأ ، أو العكس فيبطل الدم ولا يصح عطفه على بينوا كما هو ظاهره ; لأنه يصير التقدير لا أطلق وخالفوا مع أنه لا مخالفة مع الإطلاق ( ولا يقبل رجوعهم ) بعد المخالفة لقول الميت ( ولا إن ) أطلق و ادعى ( ولد على ، والده أنه ) أضجعه و ( ذبحه ) ( أو ) ( قال بعض ) منهم قتله ( عمدا و ) قال آخر ( بعض ) آخر ( لا نعلم ) هل قتله عمدا ، أو خطأ ولا نعلم من قتله فيبطل الدم في المسألتين أما في الأولى فلأنهم لا يتفقوا على أن وليهم قتل عمدا حتى يستحقوا القود ولا على من قتله فيقسمون عليه وأما في الثانية فللنكول ( بخلاف ذي الخطإ ) أي بخلاف ما إذا قال بعض خطأ [ ص: 289 ] وبعض لا نعلم ( فله ) أي لمدعي الخطإ ( الحلف ) لجميع أيمان القسامة ( وأخذ نصيبه ) من الدية ولا شيء لمن قال لا نعلم ومثل ذلك ما لو قالوا كلهم خطأ ونكل البعض فلمن حلف نصيبه ولا شيء لمن نكل وأما لو قال بعضهم خطأ وبعضهم عمدا فحكمه ما أشار له بقوله ( وإن اختلفا ) أي البعضان وقد أطلق الميت ( فيهما ) أي في العمد ، والخطإ بأن قال بعض عمدا وبعض خطأ ( واستووا ) في الدرجة كأولاد ، أو إخوة ، أو أعمام ( حلف كل ) أي كل واحد من مدعي العمد ومدعي الخطإ على طبق دعواه على قدر إرثه ( وللجميع دية خطإ ) على عاقلة الجاني ويسقط القتل ( وبطل حق ذي العمد ) أي مدعيه ( بنكول غيرهم ) أي ذي الخطإ فلا قسامة لذي العمد ولا دية ; لأنه لدعواه الدم إنما يحلف تبعا لذي الخطإ ويصيرون حينئذ بمنزلة ما لو ادعى جميعهم الخطأ ونكلوا فتحلف عاقلة الجاني ومن نكل منهم غرم وأشار للمثال الثاني من أمثلة اللوث بقوله ( وكشاهدين بجرح ، أو ضرب ) لحر مسلم أي على معاينة ذلك ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ فيقسم الأولياء ويستحقون القود في العمد ، والدية في الخطإ ( أو ) قالوا كلهم قتله عمدا و ( نكلوا ) عن القسامة فيحلف الأولياء ويستحقون القود في العمد ، والدية في الخطإ [ ص: 290 ] فقوله وكشاهدين عطف على قوله كأن يقول بالغ على حذف مضاف أي وكشهادة شاهدين ; لأن الذي من أمثلة اللوث هو قول البالغ وشهادة الشاهدين لا الشاهدان ( ثم يتأخر الموت ) راجع لمسألة الشاهدين بالجرح ، أو الضرب فلو لم يتأخر الموت استحقوا الدم ، أو الدية بغير قسامة لا لمسألة الشهادة بإقرار المقتول بذلك ; لأن فيها القسامة مطلقا تأخر الموت أم لا ، والأولى حذف قوله مطلقا لاستغنائه عنه بقوله عمدا ، أو خطأ وبين كيفية القسامة بقوله ( يقسم ) أي كيفيتها أن يقسم الولي بالله الذي لا إله إلا الله هو ( لمن ضربه ) ، أو جرحه ( مات ) أي بتقديم الجار ، والمجرور لإفادة الحصر وفي معناه إنما مات من ضربه ، أو ما مات إلا من ضربه ، أو جرحه ، وهذا في شهادة الشاهدين بما ذكر وأما في الشاهد الآتي فسكت عنه ; لأنه أخر قوله ، أو بشاهد بذلك عنه وسيأتي كيفية القسامة فيه وأما في المثال الأول ، وهو ما شهدا ( بإقرار المقتول ) بأن فلانا جرحه ، أو ضربه ( عمدا ، أو خطأ ) فيحلفون لقد قتله وأشار للمثال الثالث ، وهو مشتمل على ست مسائل بقوله ( أو بشاهد ) واحد ( بذلك ) أي بمعاينة الجرح ، أو الضرب ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ فيحلفون خمسين يمينا لقد جرحه ، أو ضربه ولقد مات منه قال إذا قال قتلني فلان وشهد عدلان على قوله ابن عرفة ظاهر كلام ، أو نصه أنهم يحلفون على الجرح ، والموت عنه في كل يمين من الخمسين أي لقد جرحه ، أو ضربه ولقد مات من جرحه ، أو ضربه وظاهره أنهم لا يحلفون قبل الخمسين يمينا واحدة مكملة للنصاب وقيل يحلفون أي يحلف واحد منهم يمينا مكملة وسيأتي ما إذا شهد شاهد على إقرار المقتول بالجرح ، أو الضرب في قوله ، أو بإقرار المقتول عمدا وبها تتم الست مسائل ( إن ثبت الموت ) لا قبله لاحتمال حياته ، وهذا راجع لجميع صور اللوث ويحتمل رجوعه لمسألة الشاهد وأما التي قبلها فذكر فيها ثبوت الموت بقوله ، ثم يتأخر الموت ; إذ معرفة تأخر الشيء فرع ثبوته ( أو ) بشاهد ( بإقرار المقتول ) البالغ بجرح ، أو بضرب ( عمدا ) أي قال جرحني فلان ، أو ضربني عمدا فيكون لوثا يحلف الأولياء معه خمسين يمينا [ ص: 291 ] ولا بد من يمين مكملة للنصاب مع الشاهد أولا وأما لو قال جرحني ، أو ضربني خطأ فلا يكفي الشاهد الواحد ولا بد من الشاهدين كما تقدم ومثل جرحني ، أو ضربني قتلني فيكفي الواحد في العمد دون الخطإ ، والحاصل أن الشاهدين بالإقرار لوث في العمد ، والخطإ وأن الواحد لوث في العمد فقط واعترض على ابن رشد المصنف بأن هذه التفرقة لم يقل بها أحد ، وإنما في المسألة قولان التوقف على الشاهدين مطلقا في العمد ، والخطإ ، أو الاكتفاء بالشاهد مطلقا ( كإقراره ) أي بالقتل وثبت إقراره بشاهدين كما هو عين المثال الأول ( مع شاهد ) بمعاينة القتل ( مطلقا ) أي عمدا ، أو خطأ ، فهو لوث يحلف الأولياء معه خمسين يمينا ولم يستغن عن هذا بالمثال الأول ; لأنه ربما يتوهم أنه في هذا يثبت الدم ، أو الدية بغير قسامة ( أو إقرار القاتل في الخطإ فقط ) بأن قال قتله خطأ ( بشاهد ) أي مع شاهد على معاينة القتل خطأ فلوث فإن لم يكن إلا مجرد إقراره بالخطإ فغير لوث ويؤخذ بإقراره وتكون الدية عليه في ماله دون عاقلته كما تقدم ( وإن اختلف شاهداه ) أي القتل بأن قال أحدهما قتله عمدا وقال الآخر خطأ ، أو قال أحدهما قتله بسيف ، والآخر بعصا ( بطل ) الدم لتناقض الشهادتين ولا يلزمهما بيان صفة القتل ، لكن إن بيناها واختلفا بطلب شهادتهما وأشار للمثال الرابع من أمثلة اللوث بقوله ( وكالعدل ) الواحد ( فقط ) يشهد ( في معاينة القتل ) أي بمعاينته عمدا ، أو خطأ فيقسم الأولياء معه ويستحقون الدم ، أو الدية ، والمرأتان العدلتان كالعدل في هذا وفي سائر ما قلنا أن شهادة الشاهد فيه لوث [ ص: 292 ] وهذا المثال يفهم من قوله ، أو بشاهد بذلك مطلقا بالأولى وأشار للخامس بقوله ( أو رآه ) أي رأى العدل المقتول ( يتشحط ) بالحاء ، والطاء المهملتين أي يتحرك ويضطرب ( في دمه ، والمتهم ) بالقتل ( قربه وعليه ) أي المتهم ( آثاره ) أي الدم أي أمارة القتل وشهد العدل بذلك فلوث ( ووجبت ) القسامة ( وإن تعدد اللوث ) كشهادة عدل بمعاينة القتل مع عدلين على قول المقتول قتلني فلان فلا يكون تعدده موجبا للقصاص ، أو الدية بلا قسامة ( وليس منه ) أي من اللوث ( وجوده ) أي المقتول ( بقرية قوم ) ولو مسلما بقرية كفار ، وهذا إذا كان يخالطهم في غيرهم ، وإلا كان لوثا يوجب القسامة كما في قضية عبد الله بن سهل حيث قتل بخيبر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه القسامة لابني عمه حويصة ومحيصة ; لأن خيبر ما كان يخالط اليهود فيها غيرهم ( أو دارهم ) لجواز أن يكون قتله إنسان ورماه فيها ليلوث أهلها به ( ولو ) ( استحلف كل ) منهم ( خمسين ) يمينا لتتناول التهمة كل فرد منهم ( والدية عليهم ) في أموالهم إن حلفوا ، أو نكلوا من غير قسامة على ، أولياء المقتول ( أو على من نكل ) دون من حلف إن حلف بعضهم ( بلا قسامة ) على الأولياء ; لأن البينة شهدت بالقتل وفهم من قوله ، والدية عليهم أنهما شهدا بالقتل عمدا فلو شهدا بالخطإ لكانت على عواقلهم ومفهوم اثنان أنه لو شهد واحد لم يكن الحكم كذلك ، والحكم أنهم يقسمون خمسين يمينا أن واحدا من هؤلاء الجماعة قتله ويستحقون الدية على الجميع ولا ينافي هذا ما يأتي أن القسامة إنما تكون على واحد تعين لها ; لأن ذلك بالنسبة للقتل ، وهذا بالنسبة للدية ( وإن انفصلت بغاة ) أي جماعة بغى بعضهم على بعض لعداوة بينهم ، وإن كانوا تحت طاعة الإمام ( عن قتلى [ ص: 293 ] ولم يعلم القاتل ، فهل لا قسامة ولا قود ) فيكون هدرا ( مطلقا ) أي سواء قال المقتول قتلني فلان أم لا قام له شاهد من البغاة أم لا ; إذ لو كان من غيرهم لكان لوثا بلا خلاف كما في النقل ، وهو قول الإمام في المدونة ( أو ) لا قسامة ولا قود ( إن تجرد ) القتل ( عن تدمية و ) عن ( شاهد ) وأما لو قال دمي عند فلان ، أو شهد بالقتل شاهد ، فالقسامة ، والقود وبه فسر ( شهد اثنان ) على شخص ( أنه قتل ) آخر ( ودخل في جماعة ) ولم يعرف ابن القاسم قول الإمام في العتبية ( أو ) لا قسامة إن تجرد قوله ( عن الشاهد فقط ) بل مجرد قوله قتلني فلان ، وكذا إذا لم يكن إلا مجرد قول الولاة بالأولى وعليه فلو قام شاهد بمعاينة القتل من الطائفتين لكان لوثا يوجب القسامة ، والقود ، وهو تأويل بعض الأشياخ للمدونة ( تأويلات ) ثلاثة المذهب الأول ولكن رجح بعضهم الثاني ومفهوم لم يعلم القاتل أنه لو علم ببينة لاقتص منه ، وهو كذلك ( وإن تأولوا ) أي الجماعة الطائفتان بأن قام لكل شبهة تقتضي جواز المقاتلة ( فهدر ) أي ، فالمقتول من كل طائفة هدر ولو تأولت إحدى الطائفتين فدم المتأولة قصاص ، والأخرى هدر وأولى ظالمة زحفت على غيرها فدفعوا عن أنفسهم فدم الزاحفة هدر ودم الدامغة قصاص كما أشار له بقوله ( كزاحفة ) ظلما ( على دافعة ) عن نفسها .