ذكر نقول مذهبنا
قال الرافعي في الشرح ، والنووي في الروضة : . حريم المعمور لا يملك بالإحياء هو المواضع القريبة التي يحتاج إليها لتمام الانتفاع ، كالطريق ومسيل الماء ونحوه ، ثم تكلما على حريم الدار وحريم القرية ثم قالا : والبئر المحفورة في الموات حريمها الموضع الذي يقف فيه النازح وموضع الدولاب ومتردد البهيمة ومصب الماء والموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية والزرع من حوض ونحوه ، والموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه ، وكل ذلك غير محدود ، وإنما هو بحسب الحاجة كذا قاله والحريم ، والأصحاب ، وفي وجه الشافعي وبهذا يقاس حريم البئر قدر عمقها من كل جانب - هذا كلام الشيخين ، ثم قالا بعد ذلك : عمارة حافات هذه الأنهار من وظائف بيت المال ، ويجوز أن يبنى عليها قنطرة لعبور الناس ؛ لأن ذلك من مصالح المسلمين انتهى . حريم النهر
وقال الشيخ تقي الدين السبكي في شرح المنهاج ما نصه : فرع عن ، لا حريم للنهر ، وعن أبي حنيفة أبي يوسف ومحمد : له حريم ، وهو مذهبنا قال : ورأيت في ديار مصر من الفقهاء من يستنكر العماير التي على حافات النيل ، ويقول : إنه لا يجوز إحياؤها قال : وهذا قد عمت به البلوى في جميع البلدان ، قال : وإذا رأينا عمارة على حافة نهر لا نغيرها لاحتمال أنها وضعت بحق ، وإنما الكلام في الابتداء أو فيما عرف حاله ، ثم قال : ومما عظمت البلوى به اعتقاد بعض العوام أن أرض النهر ملك بيت المال وهذا أمر لا دليل عليه ، وإنما هو لا يجوز للإمام إقطاعها ولا تمليكها بل هو أعظم من المعادن الظاهرة في ذلك المعنى ، والمعادن الظاهرة إنما امتنع التملك والإقطاع فيها لشبهها بالماء وبإجماع المسلمين على المنع من إقطاع مشارع الماء لاحتياج جميع الناس إليها فكيف يباع ، قال : ولو فتح هذا الباب لأدى إلى أن بعض الناس يشتري أنهار [ ص: 160 ] البلد كلها ويمنع بقية الخلق عنها ، فينبغي أن يشهر هذا الحكم ليحذر من يقدم عليه كائنا من كان ، ويحمل الأمر على أنها مبقاة على الإباحة كالموات وأن الخلق كلهم يشتركون فيها ، وتفارق الموات في أنها لا تملك بالإحياء ولا تباع ، ولا تقطع وليس للسلطان تصرف فيها ، بل هو وغيره فيها سواء ، فإن وجدنا نهرا صغيرا بيد قوم مخصوصين مستولين عليه دون غيرهم فهو ملكهم يتصرفون فيه بما شاؤوا ، وإن لم يكن ملكا ولكن فيه مشارب لقوم مخصوصين فحقوقهم فيه على تلك المشارب يتصرفون فيها بالطريق الشرعي - هذا كله كلام كالمعادن الظاهرة السبكي ، وهو تصريح بالنقل عن مذهبنا أن النهر له حريم لا يجوز تملكه ولا إحياؤه ولا البناء فيه ولا بيعه ولا إقطاعه ، وقال في فتاويه : الأنهار ومجاريها العامة ليست مملوكة بل هي إما مباحة لا يجوز لأحد تملكها وإما وقف على جميع المسلمين ، ولا شك أن الأنهار الكبار كالنيل والفرات مباحة كما صرح به الفقهاء في كتبهم ، ولا يجوز تملك شيء منها بالإحياء لا بالبيع من بيت المال ، ولا بغيره ، وكذلك حافاتها التي عموم الناس إلى الارتفاق بها لأجلها ، والأنهار الصغيرة التي حفرها قوم مخصوصون معرفون مملوكة لهم كسائر الأملاك المشتركة انتهى بحروفه ، وهو تصريح بالنقل عن الفقهاء أن حافات النيل لا يجوز تملكها ولا إحياؤها .
وقال في شرح المنهاج : فرع : ، جاز وإن كان النهر مشتركا ؛ لأنه لا يضر بهم كما يتخذ على باب داره مشرعا ، وفي فتاوى شخص أراد أن يغرس على حريمه على ماء جار شجرة القفال : لم يجز فقيل له : هذا كما لو بنى دكة في الشارع فقال : ليس كذلك انتهى . رجل له دار في موضع ويجري نهر على باب داره فأراد أن يغرس شجرة على جانب النهر بحذاء داره
فإذا منع القفال من غرس شجرة فما ظنك بالبناء ؟ وقال الزركشي في شرح المنهاج : حافات النيل والفرات لا يجوز تملك شيء منها بالإحياء ولا بالابتياع من بيت المال ولا غيره ، قال : وقد عمت البلوى بالأبنية على حافات النيل كما عمت بالقرافة مع أنها مسبلة ، وذكر الدميري في شرح المنهاج نحو ذلك ، وقد راجعت نص فوجدته نص في مختصر الشافعي المزني وفي الأم على أن النهر والماء الظاهر لا يملكه أحد من الناس ، ولا يصح لأحد أن يقطعه بحال ، والناس فيه شرع والمسلمون كلهم شركاء في ذلك [ ص: 161 ] - هذا نصه في الكتابين ، زاد في الأم : ولو أحدث على شيء من هذا بناء قيل له حول بناءك ولا قيمة له فيما أحدث بتحويله .
وقال ابن الرفعة في الكفاية : الحرائم هي المواضع القريبة التي يحتاج إليها لتمام الانتفاع بها ، سميت بذلك ؛ لأنها يحرم التعرض لها بنوع عدوان وذلك يختلف باختلاف المحيا ، وذكر نحو ما تقدم عن الرافعي والنووي ، ثم قال : وحمل الأصحاب قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " على آبار حريم البئر أربعون ذراعا الحجاز فإنها تكون عميقة تحتاج في المواضع التي يمر فيها الثور إلى ذلك المقدار ، وحريم النهر ملقى النهر للطين وما يخرج منه من التقن - وهو رسابة الماء - وقال في التهذيب : من حريم النهر ملقى الطين وما يخرج منه . البغوي
وقال الخوارزمي في الكافي : ، وقال حريم النهر ما يلقى فيه الطين عند الحفر السبكي في شرح المنهاج في سنن عن البيهقي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي هريرة حريم البئر أربعون ذراعا من جوانبها كلها " وعن : حريم البئر البدئي خمس وعشرون ذراعا من نواحيها كلها ، وحريم العادي خمسون ذراعا من نواحيها كلها ، وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع من نواحيها كلها ، قال ابن المسيب : وسمعت الناس يقولون : الزهري . وعن حريم العيون خمسمائة ذراع مرفوعا مثل قول أبي هريرة . ابن المسيب
وعن : حريم البئر خمسون ذراعا ، وحريم العين مائتا ذراع ، ثم قال ابن عباس السبكي : لم ير التحديد وحمل اختلاف الروايات على القدر المحتاج إليه ، وبهذا يقاس حريم النهر قال : ومن حريم النهر ملقى طينه وما يخرج منه مما يحتاج إلى إلقائه عند حفره ، قال : وفي كلام الأصحاب وملقى تقنه وهو ما ينحى مع الماء وسمي الرسابة ، وفي سنن والشافعي عن ابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " عبد الله بن مغفل " ، وعن من حفر بئرا فله أربعون ذراعا عطنا لماشيته قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبي سعيد الخدري " ، وعن حريم البئر مد رشائها قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ابن عمر " قال حريم النخلة مد جر يدها القاضي أبو الطيب ، وابن الصباغ : إذا ، وغرس فليس لغيره أن يغرس بجواره بحيث تلتف أغصان الغراس وبحيث تلتقي عروقها ، وقال أحيا أرضا ليغرس فيها : الماوردي طرقها ومفيض مائها وبيدر زرعها وما لا يستغنى عنه من مرافقها . انتهى ما في شرح المنهاج حريم الأرض المحياة للزراعة للسبكي في ضبط الحريم .
وقال الغزي في أدب القضاء :