ذكر ما وقع لحجة الإسلام  الغزالي  من استعمال ذلك  
قال في أول كتابه المسمى " بالانتصار لما في الإحياء من الأسرار " ما نصه : سألت - يسرك الله لمراتب العلم تصعد مراقيها ، وقرب لك مقامات الولاية تحل معاليها - عن بعض ما وقع في الإملاء الملقب بالإحياء ، مما أشكل على من حجب فهمه ، وقصر علمه ، ولم يفز بشيء من الحظوظ الملكية قدحه وسهمه ، وأظهرت التحزن لما غاش به شركاء الطغام وأمثال الأنعام ، وأتباع الأعوام ، وسفهاء الأحلام ، وعار أهل الإسلام حتى طعنوا عليه ، ونهوا عن قراءاته ، ومطالعته ، وأفتوا بمجرد الهوى على غير بصيرة باطراحه ومنابذته ، ونسبوا ممليه إلى ضلال وإضلال ، ونبذوا قراءه ومنتحليه بزيغ في الشريعة واختلال ، فإلى الله انصرافهم ومآلهم ، وعليه في العرض الأكبر إيقافهم وحسابهم ، فستكتب شهادتهم ويسألون : ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون    ) ، بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ، وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ، ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم    ) ، ( ولكن الظالمين في شقاق بعيد    ) ولا عجب فقد ثوى أدلاء الطريق ، وذهب أرباب التحقيق فلم يبق في الغالب إلا أهل الزور والفسوق ، إلى أن قال : حجبوا عن الحقيقة بأربعة : الجهل ، والإصرار ، ومحبة الدنيا ، والإظهار ، والله من ورائهم محيط وهو على كل شيء شهيد ، فكان قد جمع الخلائق في صعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، ( فأعرض عن الجاهلين ولا تطع كل أفاك أثيم ) ، ( وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية    ) ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة  واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين    )   [ ص: 315 ]   ( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون    ) - هذا نص  الغزالي  بحروفه . 
وقد وقع في دمشق  أن الشيخ  تقي الدين بن الصلاح  أفتى بالمنع من صلاة الرغائب ، ثم لما قدم الشيخ  عز الدين بن عبد السلام  أفتى بالمنع منها ، فعارضه  ابن الصلاح  ، ورجع عما أفتى به أولا ، وألف كراسة في الرد عليه ، وضرب له المثل بقوله تعالى : ( أرأيت الذي ينهى  عبدا إذا صلى    ) ، فألف  الشيخ عز الدين  كراسة في الرد على  ابن الصلاح  ، وقال فيها : وأما ضربه لي المثل بقوله تعالى : ( أرأيت الذي ينهى  عبدا إذا صلى    ) فأنا إنما نهيت عن شيء نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وقد حكى ذلك  أبو شامة  في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث ، وقال : إن الناس ضربوا  لابن الصلاح  المثل بقول  عائشة  في حق  سعد بن عبادة  ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، ويشبه هذا ما ورد عن  علي بن أبي طالب  أنه كان لا يرى صلاة النافلة قبل صلاة العيد ، وأنه دخل مسجد الكوفة  يوم العيد ، فرأى قوما يصلون فلم ينههم ، فقال له من معه : ألا تنهاهم ؟ فقال : لا أكون ممن نهى عبدا إذا صلى . 
وعن  مالك بن أنس  أنه أمر بصلاة في وقت كراهة ، فقام فصلى ، فقيل له في ذلك ، فقال : لا أكون ممن إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون   . 
				
						
						
