الجواب الحزم عن حديث : التكبير جزم
مسألة : في قوله عليه الصلاة والسلام : التكبير جزم ، وفي قول بعضهم تأييدا لمقتضاه أنه عليه الصلاة والسلام لم ينطق بالتكبير إلا مجزوما ، هل الحديث ثابت أم لا ؟ وعلى تقدير ثبوته هل هو صحيح أو حسن أو ضعيف ؟ ومن خرجه من العلماء ؟ ومن رجاله ومن تعرض للكلام على سنده ومتنه من الأئمة ؟ وما التحقيق في حكم المسألة ، هل يشترط الجزم فيها أو لا ؟ وهل رضي الله عنه فيها نص أم لا ؟ . للشافعي
الجواب : أما الحديث فغير ثابت ، قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في ، لا أصل له ، وإنما هو من قول تخريج أحاديث الشرح الكبير : حديث : التكبير جزم ، حكاه عنه إبراهيم النخعي . انتهى . وقد وقفت على إسناده عن الترمذي ، قال النخعي عبد الرزاق في مصنفه : عن يحيى بن العلاء عن مغيرة قال : قال إبراهيم : التكبير جزم ، يقول : لا يمد - هكذا وقع في الرواية مفسرا - وهذا التفسير إما من الراوي عن أو من النخعي يحيى أو من عبد الرزاق ، وكل منهم أولى بالرجوع إليه في تفسير الأثر ، وفسره بذلك أيضا الإمام الرافعي في الشرح ، وابن الأثير في النهاية ، وجماعة آخرون ، وأغرب المحب الطبري فقال : معناه لا يمد ولا يعرب ، بل يسكن آخره . وهذا الثاني مردود بوجوه : أحدها مخالفته لتفسير الراوي ، والرجوع إلى تفسير الراوي أولى كما تقرر في علم الأصول ، الثاني مخالفته لما فسره به أهل الحديث والفقه ، الثالث أن إطلاق الجزم على حذف الحركة الإعرابية لم يكن معهودا في الصدر الأول ، وإنما هو اصطلاح حادث فلا يصح الحمل عليه . وأما حديث أنه عليه السلام لم ينطق بالتكبير إلا مجزوما ، فلم نقف عليه [ ص: 413 ] وإن كان هو الظاهر من حاله صلى الله عليه وسلم ; لأن فصاحته العظيمة تقتضي ذلك ، وأما ؟ فجوابه : لا ، بل لو وقف عليه بالحركة صح تكبيره وانعقدت صلاته ; لأن قصارى أمره أنه صرح بالحركة في حالة الوقف ، وهو دون اللحن ، ومعلوم أنه لو لحن بأن نصب الجلالة مثلا ، لم يضره في صحة الصلاة ، كما لو هل يشترط الجزم لحنا لا يغير المعنى ; فإنه لا تبطل صلاته ، كما هو منصوص عليه ، وأما هل لحن في الفاتحة رضي الله عنه نص في ذلك ؟ فجوابه أنه لم ينص على ذلك ، وكذلك غالب الأصحاب اكتفاء بما نصوا عليه في اللحن في القراءة ، ومن نص على ذلك منهم للشافعي كالمحب الطبري فكلامه في الاستحباب لا في الاشتراط ، بقرينة ذكر ذلك مع مسألة المد ، ومد التكبير لا يبطل بلا خلاف ، وحذفه سنة بلا خلاف ، نعم نص في الأم على جزم التكبير بمعنى حذفه وعدم مده وتمطيطه . الشافعي