مسألة : في المهدي من الغرب ، هل ورد فيه أثر يعتمد عليه ؟ وهل للقول بأنه موجود الآن بالمغرب صحة أو لا ؟ وهل مجيئه قبل نزول مجيء عيسى عليه السلام ؟ عيسى مؤقت بوقت ؟ وهل يقيم بالدنيا إذا نزل ويتزوج ويولد له ولدان يسمي أحدهما وهل نزول محمدا والآخر أبا موسى ؟ ويدفن بإزاء النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل المقالة الحاصلة بين الناس : إنه ينزل بالشام بالجامع الأموي ، وإن بغلة تشد له كل جمعة انتظارا لنزوله ، لها صحة أم لا ؟ وهل نزوله قبل يأجوج ومأجوج أو بعده ؟ وما يأجوج ومأجوج ؟ ومن أين خروجهم ، وما مقدار إقامتهم ؟ وما طول ، ومن أين خروجها ؟ وأين تصل ؟ وهل ذلك قبل نزول صفة الدابة التي تخرج في آخر الزمان عيسى أو بعده ؟ وهل الحور العين والملائكة يموتون أو لا ؟ ومن يتولى قبض أرواحهم ؟
الجواب على سبيل الاختصار : الأحاديث في المهدي مختلفة ، وكذلك العلماء ، ففي بعضها : " عيسى ابن مريم " ، وأكثر الأحاديث على أنه غيره وأنه من أهل البيت ، ثم في بعضها أنه من ولد لا مهدي إلا فاطمة ، وفي بعضها أنه من ولد العباس ، وبعض العلماء حمله على المهدي ثالث خلفاء بني العباس الذي تولى الخلافة في القرن الثاني ، والذي ترجح عندي من [ ص: 454 ] أكثر الأحاديث أنه غيره وأنه خليفة يقوم في آخر الزمان وأنه من ولد فاطمة ، وقد ثبت في أحاديث أنه يخرج من قبل المشرق ، وأنه يبايع له بمكة بين الركن والمقام ، وأنه يدخل بيت المقدس ، وأنه يمكث سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وفي بعض الروايات بسند ضعيف أن الناس يقتتلون على الملك فينادي مناد من السماء : أميركم فلان ، فيبايعون له ، ولم يقع شيء من ذلك إلى الآن ، فبطل قول من قال : إنه موجود الآن بالمغرب ، وفي الأحاديث أن عيسى عليه السلام ينزل في حياته فيسلم المهدي الأمر له ، ونزول عيسى عليه السلام مؤقت بوقت وهو خروج الدجال ، فإنه ينزل في أيامه ويقتله ، وورد في الحديث أنه يمكث سبع سنين ، وفي رواية أربعين سنة ، وأنه يتزوج ويولد له ويحج ويدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم ترد تسمية ولده ، وفي الحديث أيضا أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق . وأما شد البغلة كل جمعة فلا أصل له ، ونزوله قبل يأجوج ومأجوج فإنهم يخرجون في أواخر أيامه . وأما طول يأجوج ومأجوج ففي أثر أخرجه ابن المنذر عن موقوفا أنهم شبر وشبران وثلاثة أشبار . وفي حديث ضعيف مرفوع أخرجه ابن عباس أنهم أصناف : صنف منهم طول الأرز مائة وعشرون ذراعا ، وصنف منهم يفترش بأذنه ويلتحف بالأخرى ، وأما خروجهم فمن خلف السد أقصى الطبراني بلاد الترك ، وفي الحديث أن مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان ، وأما مدة إقامتهم فيسيرة فإنهم يخرجون في زمن عيسى ويهلكون في زمنه ، وأما صفة الدابة فذات زغب وريش ، لها أربعة قوائم ، ومسافة ما بين أذنيها مسيرة فرسخ للراكب ، وخروجها من صدع في الصفا بمكة ، وفي رواية : من بعض أودية تهامة ، فتدور الأرض بأسرها ، واختلفت الأحاديث هل خروجها قبل نزول عيسى أو بعده .
وأما الحور العين والولدان وزبانية النار فلا يموتون ، وهم ممن استثنى الله تعالى في قوله : ( إلا من شاء الله ) ، وأما الملائكة فيموتون بالنصوص والإجماع ، ويتولى قبض أرواحهم ملك الموت ، ويموت ملك الموت بلا ملك الموت . هذا ما يتعلق بالأسئلة على وجه الاختصار ، وسرد الأدلة في ذلك والأحاديث يحتمل كراريس كثيرة ، والله أعلم .