[ ص: 113 ] كتاب البعث . 
مسألة : هل ورد أن الزامر يأتي يوم القيامة بمزماره ، وأن السكران يأتي بقدحه ، وأن المؤذن يأتي يؤذن ؟    . 
الجواب : نعم ورد ما يقتضي ذلك ، وورد التصريح بأفراد منه ، ونص عليه العلماء ، ففي صحيح  مسلم     : " يبعث كل عبد على ما مات عليه    " أخرجه من حديث  جابر  ، وروى  البيهقي  في البعث من حديث  فضالة بن عبيد  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة   " ، وعليه حمل العلماء ما رواه  أبو داود  من حديث  أبي سعيد الخدري     : " يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها   " أي : في أعماله التي يموت فيها من خير أو شر . 
وقد ثبت في الصحيح أن المجروح في سبيل الله يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دما -وفيه أيضا - أن الذي مات على إحرامه يبعث ملبيا - وفي رواية ملبدا - وقد روى  الأصبهاني  في الترغيب من طريق  عباد بن كثير  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر  مرفوعا : " أن المؤذنين والملبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، يؤذن المؤذن ، ويلبي الملبي   " -  وعباد  ضعيف - إلا أن للحديث شواهد ، منها الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها . 
وروى  الأصبهاني  أيضا من طريق  أبي هدبة     - وهو واه - عن  أشعث الحداني  ، عن  أنس  مرفوعا : " من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران ، وبعث من قبره سكران   " الحديث . 
وقال  الغزالي  في كشف علوم الآخرة : من الناس من يحشر بفتنته الدنيوية ، فقوم مفتونون بالعود ، فعند قيامه من قبره يأخذ بيمينه فيطرحه ، فيعود إليه ، وكذلك يبعث السكران سكران ، والزامر زامرا ، وشارب الخمر والكوز معلق في عنقه ، وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل الله . انتهى . 
وفي هذا الكلام إشارة إلى تخصيص الحديث السابق بأن الحالة التي يأتي عليها في الآخرة مما كان عليه في الدنيا ، المراد بها حالة الطاعة والمعصية ، بخلاف المباحات ، فلا يأتي النجار مثلا بآلته والبناء ونحوهما إلا أن يستعملوها فيما لا يجوز شرعا ، والله أعلم . 
				
						
						
