فصل : دليل ثالث وعشرون : وهو قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) قال أهل التفسير : نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب وبقي على تعظيم بعض شريعته كالسبت وترك لحوم الإبل فأمرهم أن يدخلوا في شرائع الإسلام كافة ، ولا يتمسكوا بشيء من أحكام التوراة ; لأنها منسوخة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان في التمسك ببعض أحكام التوراة بعد أن عرفتم نسخه ، وكافة من وصف السلم كأنه قيل [ ص: 155 ] ادخلوا في جميع شرائع الإسلام اعتقادا وعملا - هذه عبارة ( المرسي في تفسير هذه الآية - وقد أخرج عن ابن أبي حاتم في الآية قال : نزلت في مؤمني أهل الكتاب تمسكوا ببعض أمور التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم يقول : ادخلوا في شرائع دين ابن عباس محمد ولا تدعوا منها شيئا ، وهذا صريح في أن شريعة التوراة لا تسمى إسلاما .
تنبيه : ذكر السبكي في عبارته لما تكلم على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الجن عدة آيات من القرآن استدل بها على ذلك ثم قال عقب ذلك : واعلم أن المقصود بتكثير الأدلة أن الآية الواحدة والآيتين قد يمكن تأويلها ويتطرق إليها الاحتمال ، فإذا كثرت قد تترقى إلى حد يقطع بإرادتها ظاهرا ونفي الاحتمال والتأويل عنها ، انتهى .
أقول : ولذلك أوردنا هنا ثلاثة وعشرين دليلا ; لأن كل دليل منها على انفراده قد يمكن تأويله وتطرق الاحتمال إليه ، فلما كثرت هذه الكثرة ترقت إلى حد غلب على الظن إرادة ظاهرها ونفي الاحتمال والتأويل عنها ، وعبرت بغلبة الظن دون القطع لأجل ما عارضها من الآيات التي استدل بها القول الآخر ، وهذا مقام لا ينظر فيه ويحكم بالترجيح إلا لمجتهد والله الموفق .
آخر الكتاب : قال مؤلفه شيخنا نفع الله المسلمين ببركته : ألفته في شوال سنة ثمان وثمانين وثمانمائة .