مسألة : ما حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء ، والطيب ، وقرة عيني في الصلاة ؟ إعراب قوله صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 325 ] الجواب : ليس في الحديث لفظ " ثلاث " ، وأما إعرابه ف " حبب " فعل مبني للمفعول ، والظرفان بعده متعلقان به . و " الطيب " مرفوع به نائبا عن الفاعل . و " النساء " معطوف عليه . وأما بقية الحديث فلفظ : ، ف " قرة " مفعول جعل الأول ، أقيم مقام فاعله لما بني للمفعول ، والجار والمجرور مفعوله الثاني . ومن زاد في الحديث لفظة " ثلاث " فقد وهموه ; لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا ، فالمخصوص بحبه من أمر الدنيا اثنان ، النساء والطيب ، وهما بالنسبة إليه دين لا دنيا ; ولهذا قال : من دنياكم ، ولم يقل من دنياي ولا من الدنيا ، فأشار بهذه الإضافة إلى أنهما من دنيا الناس ; لأنهم يقصدونهما للاستلذاذ وحظوظ النفس ، وهو صلى الله عليه وسلم منزه عن ذلك ، وإنما حبب إليه النساء لينقلن عنه محاسنه ، ومعجزاته الباطنة ، وأحكام الشريعة التي لا يطلع عليها الرجال غالبا ، وللقيام بأودهن ، وليتشرف أصحابه بمصاهرته ، وغير ذلك من الفوائد الدينية ، وحبب إليه الطيب لملاقاته الملائكة ، وهم يحبونه ويكرهون الريح الخبيثة ; ولهذا امتنع من أكل الثوم ونحوه لأجل أن وجعل قرة عيني في الصلاة جبريل يأتيه ، وقد ورد في الملائكة أنهم لا يأكلون ولا يشربون ، ولكن يجدون الريح .