قال : فخرج الرجل ، فجاءت فاطمة تصب على وجهه الماء وتبكي حتى أفاق من غشيته ، فرآها تبكي فقال : ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت : يا أمير المؤمنين ، رأيت مصرعك بين أيدينا ، فذكرت به مصرعك [ ص: 269 ] بين يدي الله للموت ، وتخليك من الدنيا ، وفراقك لنا ، فذاك الذي أبكاني ، فقال : حسبك يا فاطمة ، فلقد أبلغت ، ثم مال ليسقط فضمته إلى نفسها ، فقالت : بأبي أنت يا أمير المؤمنين ، ما نستطيع أن نكلمك بكل ما نجد لك في قلوبنا ، فلم يزل على حاله تلك حتى حضرته الصلاة ، فصبت على وجهه ماء ثم نادته : الصلاة يا أمير المؤمنين ، فأفاق فزعا .
حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، ثنا أبي ، ثنا أبو بكر ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني يونس بن الحكم ، حدثني عبد السلام ، مولى مسلمة بن عبد الملك قال : بكى ، فبكت عمر بن عبد العزيز فاطمة ، فبكى أهل الدار ، لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء ! فلما تجلى عنهم العبر ، قالت له فاطمة : بأبي أنت يا أمير المؤمنين ، مم بكيت ؟ قال : فاطمة منصرف القوم من بين يدي الله عز وجل ، فريق في الجنة ، وفريق في السعير ، قال : ثم صرخ وغشي عليه . ذكرت يا
حدثنا محمد بن أحمد بن أبان ، حدثني أبي ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا محمد بن الحسين ، حدثني أبو منصور الواسطي ، ثنا المغيرة بن مطرف الرواسي ، ثنا ، عن خالد بن صفوان قال : ميمون بن مهران إلى المقبرة ، فلما نظر إلى القبور بكى عمر بن عبد العزيز ، ثم أقبل علي فقال : يا خرجت مع أبا أيوب ، هذه قبور آبائي بني أمية ، كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشهم ، أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات ، واستحكم فيهم البلاء ، وأصابت الهوام في أبدانهم مقيلا ؟ ثم بكى حتى غشي عليه ، ثم أفاق فقال : انطلق بنا ، فوالله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن عذاب الله .
حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا إبراهيم بن مهدي قال : سمعت أخا شعيب بن صفوان يذكر ، عن ، أن سفيان بن حسين ، استيقظ ذات يوم باكيا ، فقيل له : ما شأنك يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت شيخا وقف علي فقال : عمر بن عبد العزيز
إذا ما أتتك الأربعون فعندها فاخش الإله وكن للموت حذارا
[ ص: 270 ] قال : ولما مات عمر رجعت المياه التي تجري منقلبة .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، نا عبد الله بن سليمان ، نا ، نا المسيب بن واضح إسحاق الفزاري ، عن قال : الأوزاعي أن يستعمل رجلا على عمل فأبى ، فقال له عمر بن عبد العزيز عمر : عزمت عليك لتفعلن ، قال الرجل : وأنا أعزم على نفسي ألا أفعل ، فقال أراد عمر للرجل : لا تعص ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ) - الآية - المعصية كان ذلك منها ؟ فأعفاه عمر .