حدثنا محمد بن علي  ، ثنا  محمد بن الحسن بن قتيبة  ، ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني  ، حدثني أبي ، عن جدي قال : بلغني أن ناسا من الحرورية  تجمعوا بناحية من الموصل  ، فكتبت إلى  عمر بن عبد العزيز  أعلمه ذلك ، فكتب إلي يأمرني ؛ أن أرسل إلي رجالا من أهل الجدل وأعطهم رهنا ، وخذ منهم رهنا ، واحملهم على مراكب من البريد إلي ، ففعلت ذلك ، فقدموا عليه   [ ص: 310 ] فلم يدع لهم حجة إلا كسرها  ، فقالوا : لسنا نجيبك حتى تكفر أهل بيتك وتلعنهم وتبرأ منهم ، فقال عمر    : إن الله لم يجعلني لعانا ، ولكن إن أبقى أنا وأنتم فسوف أحملكم وإياهم على المحجة البيضاء ، فأبوا أن يقبلوا ذلك منه ، فقال لهم عمر    : إنه لا يسعكم في دينكم إلا الصدق ، مذ كم دنتم لله بهذا الدين ؟ قالوا : مذ كذا وكذا سنة ، قال : فهل لعنتم فرعون وتبرأتم منه ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف وسعكم تركه ولا يسعني ترك أهل بيتي ، وقد كان فيهم المحسن والمسيء ، والمصيب والمخطئ ؟ قالوا : قد بلغنا ما هاهنا ، فكتب إلي عمر  أن خذ من في أيديهم من رهنك ، وخل من في يدك من رهنهم ، وإن كان رأى القوم أن يسيحوا في البلاد على غير فساد على أهل الذمة  ، ولا تناول أحد من الأئمة ، فليذهبوا حيث شاءوا ، وإن هم تناولوا أحدا من المسلمين وأهل الذمة  فحاكمهم إلى الله . وكتب إليهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عمر  أمير المؤمنين إلى العصابة الذين خرجوا ، أما بعد ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، فإن الله تعالى يقول : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن    ) إلى قوله : ( وهو أعلم بالمهتدين    ) وإني أذكركم الله أن تفعلوا كفعل كبرائكم : ( كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط    ) أفبذنبي تخرجون من دينكم ، وتسفكون الدماء ، وتنتهكون المحارم ؟ فلو كانت ذنوب أبي بكر  وعمر  مخرجة رعيتهم من دينهم - إن كانت لهما ذنوب - فقد كانت آباؤكم في جماعتهم فلم ينزعوا ، فما سرعتكم على المسلمين وأنتم بضعة وأربعون رجلا ؟ وإني أقسم لكم بالله لو كنتم أبكاري من ولدي ، فوليتم عما أدعوكم إليه من الحق لدفقت دماءكم ، ألتمس بذلك وجه الله والدار الآخرة ، فهذا النصح فإن استغششتموني فقديما ما استغش الناصحون ، فأبوا إلا القتال ، وحلقوا رءوسهم ، وساروا إلى يحيى بن يحيى  ، فأتاهم كتاب عمر  ويحيى  مواقفهم للقتال : من عبد الله عمر  أمير المؤمنين إلى يحيى بن يحيى  ، أما بعد ، فإني ذكرت آية من كتاب الله : ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين    ) . وإن من العدوان قتل النساء والصبيان  ، فلا تقتلن امرأة   [ ص: 311 ] ولا صبيا ، ولا تقتلن أسيرا ، ولا تطلبن هاربا ، ولا تجهزن على جريح ، إن شاء الله ، والسلام   . 
				
						
						
