قال حاتم : " وأنا ، فأما معرفة القضاء فأن تعلم أن القضاء عدل منه فإذا علمت أن ذلك عدل منه فإنه لا ينبغي لك أن تشكو إلى الناس ، أو تهتم أو تسخط ، ولكنه ينبغي لك أن ترضى وتصبر ، وأما الثقة فالإياس من المخلوقين ، وعلامة الإياس أن ترفع القضاء من المخلوقين فإذا رفعت القضاء منهم استرحت منهم واستراحوا منك [ ص: 76 ] وإذا لم ترفع القضاء منهم فإنه لا بد لك أن تتزين لهم وتتصنع لهم فإذا فعلت ذلك فقد وقعت في أمر عظيم ، وقد وقعوا في أمر عظيم وتصنع ، فإذا وضعت عليهم الموت فقد رحمتهم وأيست منهم ، وأما التوكل فطمأنينة القلب بموعود الله تعالى فإذا كنت مطمئنا بالموعود استغنيت غنى لا تفتقر أبدا " . أدعو الناس إلى ثلاثة أشياء : إلى المعرفة ، وإلى الثقة ، وإلى التوكل
قال حاتم : " والزهد اسم والزاهد الرجل ، ، أولها الصبر بالمعرفة ، والاستقامة على التوكل والرضا بالعطاء ، فأما تفسير الصبر بالمعرفة : فإذا أنزلت الشدة أن تعلم بقلبك أن الله عز وجل يراك على حالك ، وتصبر وتحتسب وتعرف ثواب ذلك الصبر ، ومعرفة ثواب الصبر : أن تكون مستوطن النفس في ذلك الصبر ، وتعلم أن لكل شيء وقتا ، والوقت على وجهين إما : أن يجيء الفرج ، وإما أن يجيء الموت ، فإذا كان هذان الشيئان عندك فأنت حينئذ عارف صابر ، وأما الاستقامة على التوكل فالتوكل إقرار باللسان وتصديق بالقلب ، فإذا كان مقرا مصدقا أنه رازق لا شك فيه فإنه يستقيم ، والاستقامة على معنيين أن تعلم أن شيئا لك ، وشيئا لغيرك وأن كل شيء لك لا يفوتك والذي لغيرك لا تناله ولو احتلت بكل حيلة ، فإذا كان مالك لا يفوتك فينبغي لك أن تكون واثقا ساكنا ، فإذا علمت أنك لا تنال ما لغيرك فينبغي لك أن لا تطمع فيه ، وعلامة صدق هذين الشيئين أن تكون مشتغلا بالعروض ، وأما الرضا بالعطاء فالعطاء ينزل على وجهين : عطاء تهوى أنت فيجب عليك الشكر والحمد ، وأما العطاء الذي لا تهوى فيجب عليك أن ترضى وتصبر " . وللزهد ثلاث شرائع