ألم تر أن النفس يرديك شرها ؟ وأنك مأخوذ بما كنت ساعيا
فمن ذا يريد اليوم للنفس حكمة وعلما يزيد العقل للصدر شافيا
هلم إلي الآن إن كنت طالبا سبيل هدى أو كنت للحق باغيا
فعندي من الأنباء علم مجرب فمنه بإلهام ومنه سماعيا
أخبر أخبارا تقادم عهدها وكيف بدا الإسلام إذ كان باديا
وكيف نما حتى استتم كماله وكيف ذوى إذ صار كالثوب باليا
ومن بعد ذا عندي من العلم جوهر يفيدك علما إن وعيت كلاميا
وعلما غزيرا جالي الرين والصدى عن القلب حتى يترك القلب صافيا
فصبح صحيح محكم القول واضح أعز من الياقوت والدر غاليا
فأصبحت بالتوفيق للحق واضحا وذاك بإلهام من الله ماضيا
لأني في دهر تغرب وصفه فصار غريبا موحش الأهل قاصيا
فأحوج ما كنا إلى وصف ديننا ووصف دلالات العقول زمانيا
عجائب من خير وشر كليهما فإن كنت سماعا بدا القلب واعيا
فقد ندب الإسلام أحمد ندبة كما ندب الأموات ذو الشجو شاجيا
فأول ما أبدأ فبالحمد للذي براني للإسلام إذ كان باريا
وصيرني إذ شاء من نسل آدم ولم أك شيطانا من الجن عاتيا
ولو شاء من إبليس صير مخرجي فكنت مضلا جاحد الحق طاغيا
ولكنه قد كان باللطف سابقا وإذ لم أكن حيا على الأرض ماشيا
وصيرني من بعد في دين أحمد وعلمني ما غاب عنه سؤاليا
وفهمني نورا وعلما وحكمة فشكري له في الشاكرين موازيا
فمن أجل ذا أرجوه إذ كان ناظرا لضعفي وجهلي في الملائم حاليا
ومن أجل ذا أرجوه إذ كان غافرا ومن أجل ذا قد صح مني رجائيا
ومن أجل ذا أرجوه إذ لم يكافني ولكن بلطف منه كان ابتدائيا
فلو كنت ذا عقل لما قد رجوته لقد كنت ذا خوف وشكري محاذيا
ولو كنت أرجوه لحسن صنيعه شكرت فصح الآن مني حيائيا
فشكري له إذ صيرت بالحق عالما وللشر وصافا وللخير واصيا
ومن بعد ذا وصفي لنفسي وطبعها ووصفي غيري إذ عرفت ابتدائيا
فهذا من الأنباء وصف غرائب فمن كان وصف لكان بجاليا
فكيف به إذ كان بالحق عالما ؟ فهيهات لا ينجيه إلا الفيافيا
وذاك لأن الناس قد آثروا الهوى على الحق سرا ثم جهرا علانيا
فهذا زمان الشر فاحذر سبيله فإن سبيل الشر يردي المهاويا
سيأتيك من أنبائه وصف خابر كلام بتحبير ووصف قوافيا
يقولون لي اهجر هواك وإنما أكد وأسعى أن أقيم هوائيا
ونفسك جاهدها وإني لمائل إليها فما أن دار إلا تنائيا
وكيف أطيق اليوم أن أهجر الهوى وقد ملكته النفس مني زماميا
تقودني الأيام في كل محنة لدى طبع يبدو يهيج ذاتيا
فأصبحت يشدان مني ما استطاعا وثاقيا مأسورا لدى النفس والهوى
أخبرنا أحمد بن سليمان بن أيوب بن خذلم الدمشقي - في كتابه - ، ثنا أبو زرعة الدمشقي ، ثنا أحمد بن عاصم ، قال : سمعت الحنيني يذكر أنه سمع ، يقول : كان مالك بن أنس نافع يجالس زياد بن أبي زياد فمات زياد فكان نافع يمر بنا فنقول : ألا نوسع لك رحمك الله ؟ قال : فيأبى ويقول : " " . اتقوا هذه المجالس