وأما صدقة المقابري فمن أقران المتقدمين كبشر بن الحارث وطبقته ، وكان من التحقق والتحفظ بالمحل العالي .
سمعت يحكي عن بعض مشايخه قال : كان أبا الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي صدقة المقابري من المبالغين في التحقق كان يقول : " ، ولا تركت بكلامي أحدا حتى أومر بترك كلامه " . أتى علي عشرون سنة لم أكلم أحدا حتى أومر بكلامه
حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، ثنا عبد الله بن إسحاق ، ثنا سعدان قال : قال صدقة المقابري لرجل كان يواخيه ويصحبه : " كيف تجدك ؟ فقال : إن الذي بي من البلاء أقل مما أصبت من لذة الهوى ، " ، وكان كثيرا ينشد أبياتا ولو أصابني من البلاء بقدر ما نلت من لذة الهوى إذا لاجتمع علي جميع البلاء للثقفي :
أما ترى الموت ما ينفك مختطفا من كل ناحية نفسا فيحويها ؟
قد نغصت أملا كانت تؤمله
وقام في الحي ناعيها وباكيها
وأسكنوا الترب تبلى فيه أعظمهم
بعد النضارة ثم الله يحييها
وصار ما جمعوا منها وما دخروا
من الأقارب يحويه أدانيها
فامهد لنفسك في أيام مدتها
واستغفر الله مما أسلفت فيها