168 -  أبو مسلم الخولاني  
ومنهم المتخلي عن الهموم والكرب ، المتسلي بالأوراد والنوب ، الخولاني أبو مسلم عبد الله بن ثوب  ، حكيم الأمة وممثلها ، ومديم الخدمة ومحررها . 
وقد قيل : إن التصوف التخلي عن المنقضي الفاني ، والتسلي بالمتحدي الباقي . 
 [ ص: 123 ] حدثنا أبي ، قال : ثنا إبراهيم بن الحسن  ، قال : ثنا أبو حميد بن محمد بن سيار الحمصي  ، قال : ثنا يحيى بن سعيد  ، قال : ثنا عطاء بن يزيد  ، عن  علقمة بن مرثد  ، قال : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، منهم  أبو مسلم الخولاني  ، وكان لا يجالس أحدا قط ، ولا يتكلم في شيء من أمر الدنيا إلا تحول عنه ، فدخل ذات يوم المسجد فنظر إلى نفر قد اجتمعوا فرجا أن يكونوا على ذكر خير فجلس إليهم ، فإذا بعضهم يقول : قدم غلامي فأصاب كذا وكذا ، وقال آخر : جهزت غلامي ، فنظر إليهم ، فقال : سبحان الله أتدرون ما مثلي ومثلكم ؟ كرجل أصابه مطر غزير وابل فالتفت فإذا هو بمصراعين عظيمين ، فقال : لو دخلت هذا البيت حتى يذهب عني هذا المطر ، فدخل فإذا البيت لا سقف له ، جلست إليكم وأنا أرجو أن تكونوا على ذكر وخير فإذا أنتم أصحاب الدنيا ، وقال له قائل حين كبر ورق : لو قصرت عن بعض ما تصنع ؟ فقال : أرأيتم لو أرسلتم الخيل في الحلبة ألستم تقولون لفارسها : دعها وارفق بها ، حتى إذا رأيتم الغاية فلا تستبقوا منها شيئا ؟ قالوا : بلى ، قال : فإني أبصرت الغاية وإن لكل ساع غاية ، وغاية كل ساع الموت  ، فسابق ومسبوق   . 
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر  ، قال : ثنا علي بن إسحاق  ، قال : ثنا حسين المروزي  ، قال : ثنا ابن المبارك  ، قال : ثنا إبراهيم بن نشيط  ، قال : ثنا الحسن بن ثوبان    : أن أبا مسلم الخولاني  دخل المسجد فنظر إلى نفر قد اجتمعوا فذكر مثله سواء ، إلى قوله : فإذا أنتم أصحاب دنيا   . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، قال : ثنا محمد بن شبل  ، قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة  ، قال : ثنا أسامة  ، قال : ثنا محمد بن عمرو  ، عن صفوان بن مسلم  ، قال : قال  أبو مسلم الخولاني    : كان الناس ورقا لا شوك فيه ، فإنهم اليوم شوك لا ورق فيه  ، إن ساببتهم سابوك ، وإن ناقدتهم ناقدوك ، وإن تركتهم لم يتركوك   . 
رواه  صفوان بن عمرو  ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير  ، عن أبي مسلم  مثله ، وزاد : وإن نفرت منهم يدركوك ، قال : فما أصنع ؟ قال : هب عرضك ليوم فقرك   [ ص: 124 ] ، وخذ شيئا من لا شيء   . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني أبي ، قال : ثنا أبو المغيرة  ، قال : ثنا صفوان بن عمرويه    : حدثنا محمد بن الحسن  ، قال : ثنا  بشر بن موسى  ، قال : ثنا المقرئ  ، قال : ثنا  ابن لهيعة  ، قال : ثنا  ابن هبيرة    : أن كعبا  كان يقول : إن حكيم هذه الأمة  أبو مسلم الخولاني     . 
حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل  ، قال : ثنا محمد بن إسحاق  ، قال : ثنا عبد الله بن أبي زياد  ، قال : ثنا سيار  ، قال : ثنا جعفر  ، عن  مالك بن دينار  ، قال : بلغنا أن كعبا  رأى أبا مسلم الخولاني  ، فقال : من هذا ؟ قالوا : هذا  أبو مسلم الخولاني  ، قال : هذا حكيم هذه الأمة    . 
حدثنا حامد بن جبلة  ، قال : ثنا  أبو العباس السراج  ، قال : ثنا محمد بن الصباح  ، قال : ثنا سفيان  ، قال : سمعت أبا هارون موسى بن عيسى  ، يقول : كان يقال : إن أبا مسلم الخولاني  ممثل هذه الأمة    . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد  ، حدثني يحيى بن عثمان الحربي  ، قال : ثنا أبو المليح  ، عن يزيد - يعني ابن جابر    - قال : كان  أبو مسلم الخولاني  يكثر أن يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان ، وكان يقول : اذكروا الله حتى يرى الجاهل أنكم مجانين    . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني أبي ، قال : ثنا ابن أبي عدي ،  عن ابن عون  ، عن الحسن  ، قال : قال  أبو مسلم الخولاني    : أرأيتم نفسا إن أنا أكرمتها ونعمتها وودعتها ذمتني غدا عند الله  ، وإن أنا أسخطتها وأنصبتها وأعملتها - أو كما قال - رضيت عني غدا ؟ قالوا : من تيكم يا أبا مسلم  ؟ قال : تيكم والله نفسي   . 
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي  ، قال : ثنا مروان  ، قال : ثنا محمد الظاهري  ، قال : ثنا سعيد بن عبد العزيز  ، قال : قال  أبو مسلم الخولاني    : لو قيل : إن جهنم تسعر ما استطعت أن أزيد في عملي    . 
حدثنا أبو محمد بن حيان  ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث  ، قال : ثنا هدبة   [ ص: 125 ] ، قال : ثنا  حماد بن سلمة  ، عن القاسم    : أن أبا مسلم الخولاني  أسلم على عهد معاوية  ، فقيل : ما منعك أن تسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر  وعمر  وعثمان  رضي الله تعالى عنهم ؟ فقال : إني وجدت هذه الأمة على ثلاثة أصناف    : صنف يدخلون الجنة بغير حساب ، وصنف يحاسبون حسابا يسيرا ، وصنف يصيبهم شيء ثم يدخلون الجنة ، فأردت أن أكون من الأولين ، فإن لم أكن منهم كنت من الذين يحاسبون حسابا يسيرا ، فإن لم أكن منهم كنت من الذين يصيبهم شيء ثم يدخلون الجنة   . 
كذا رواه : أسلم على عهد معاوية  ، ولكن هاجر إلى الأرض المقدسة في أيام معاوية  وسكنها . 
				
						
						
