وكان - رضوان الله عليه وسلامه - على الأوراد مواظبا ، وللأزواد مناحبا . 
وقد قيل : إن التصوف الرغبة إلى المحبوب في درك المطلوب . 
حدثنا  أبو بكر بن خلاد  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، عن ملحان  ، ثنا يحيى بن بكير  ، حدثني  الليث بن سعد  ، عن  يزيد بن عبد الله بن الهاد  ، عن محمد بن كعب القرظي  ، عن  شبث بن ربعي  ، عن  علي بن أبي طالب  عليه السلام أنه قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي ، فقال علي  لفاطمة    : ائتي أباك فسليه خادما تقي به العمل ، فأتت أباها حين أمست ، فقال لها : ما لك يا بنية ، قالت : لا شيء ، جئت لأسلم عليك - واستحيت أن تسأل شيئا - فلما رجعت قال لها علي    : ما فعلت ؟ قالت : لم أسأله شيئا ، واستحييت منه . حتى إذا كانت الليلة القابلة قال لها : ائتي أباك فسليه خادما تتقين به العمل ، فأتت أباها فاستحيت أن تسأله شيئا ، حتى إذا كانت الليلة الثالثة مساء خرجنا جميعنا حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما أتى بكما ؟ فقال علي    : يا رسول الله ، شق علينا العمل ، فأردنا أن تعطينا خادما نتقي به العمل ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أدلكما على خير لكما من حمر النعم ؟ قال علي    : يا رسول الله نعم ، قال : تكبيرات وتسبيحات وتحميدات مائة حين تريدان أن تناما  ، فتبيتا على ألف حسنة ، ومثلها حين تصبحان فتقومان على ألف حسنة ، فقال علي    : فما فاتتني منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ليلة صفين  ، فإني نسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل فقلتها   . 
حدثنا محمد بن   [ ص: 70 ] جعفر بن الهيثم  ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام  ، ثنا  يزيد بن هارون  ، أخبرنا  العوام بن حوشب  ، عن عمرو بن مرة  ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عن علي  قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وضع رجليه بيني وبين فاطمة  ، فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا    : ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وثلاثا وثلاثين تحميدة ، وأربعا وثلاثين تكبيرة ، قال علي    : فما تركتها بعد ، فقال له رجل : ولا ليلة صفين  ؟ قال : ولا ليلة صفين    . رواه الحكم   ومجاهد  عن  ابن أبي ليلى  نحوه . 
حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن  ، ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، ثنا  العباس بن الوليد  ، ثنا  عبد الواحد بن زياد  ، ثنا الجريري  ، عن أبي الورد  ، عن ابن أعبد  قال : قال لي علي    : يا ابن أعبد  ، هل تدري ما حق الطعام  ؟ قال : وما حقه يا ابن أبي طالب  ؟ قال : تقول : بسم الله ، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ، ثم قال : أتدري ما شكره إذا فرغت ؟ قلت : وما شكره ؟ قال : تقول : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا . ثم قال : ألا أخبرك عني وعن فاطمة  بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ كانت أكرم أهله عليه ، وكانت زوجتي ، فجرت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها ، واستقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها ، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها ، فأصابها من ذلك ضر ، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي - أو خدم - فقلت لها : انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه خادما يقيك ضر ما أنت فيه ، فذكر نحو حديث  شبث بن ربعي  عن علي    . 
وكان عليه السلام إذا لزمه في العيش الضيق والجهد ، أعرض عن الخلق ، فأقبل على الكسب والكد . 
وقد قيل : إن التصوف الارتقاء في الأسباب إلى المقدرات من الأبواب . 
				
						
						
