الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              207- منصور بن زاذان

              ومنهم زين القراء والفتيان ، الميسر له تلاوة القرآن ، منصور بن زاذان .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا الحسن بن هارون ، قال : ثنا أبو معمر القطيعي ، قال : ذكر عباد بن العوام ، قال : شهدت جنازة منصور بن زاذان ، فرأيت النصارى على حدة ، والمجوس على حدة ، واليهود على حدة ، كل واحد منهم على حدة ; وقد أخذ خالي بيدي من كثرة الزحام وأنا حدث .

              حدثنا أحمد بن بندار ، قال : ثنا محمد بن إسحاق بن ملة ، قال : ثنا حاتم بن يونس ، قال : ثنا ابن أبي شيبة ، قال : ثنا هشيم ، عن أبي حمزة ، قال : رأيت جنازة منصور بن زاذان فرأيت الرجال على حدة ، والنساء على حدة واليهود على حدة ، والنصارى على حدة .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : ثنا محمد بن زكريا بن إسماعيل ، قال : سمعت مخلد بن الحسين يحدث عن هشام ، قال : صليت إلى جنب منصور بن زاذان يوم الجمعة في مسجد واسط فختم القرآن مرتين والثالثة إلى الطواسين ، وكان عليه عمامة كورها اثني عشر ذراعا فبلها بدموعه ووضعها قدامه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا أحمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : حدثني محمد بن عيينة ، قال : حدثني مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان ، قال : كنت أصلي أنا ومنصور بن زاذان جميعا - وأشار مخلد بأصبعيه السبابة والتي تليها - فكان إذا جاء شهر رمضان ختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ختمتين ، ثم يقرأ إلى الطواسين قبل أن [ ص: 58 ] تقام الصلاة . قال : وكانوا إذ ذاك يؤخرون العشاء في شهر رمضان إلى أن يذهب ربع الليل ، فكان منصور يجيء والحسن جالس مع أصحابه ، فيقوم إلى عمود يصلي فيختم القرآن ثم يأتي الحسن فيجلس قبل أن يفترق أصحابه ، وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر ، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في غير شهر رمضان ، وكان يأتي وقد سدل عمامته على عاتقه فيقوم فيصلي ويبكي ويمسح بعمامته عينيه ، فلا يزال حتى يبلها كلها بدموعه ، ثم يلفها ويضعها بين يديه ، قال مخلد : ولو أن غير هشام يخبرني بهذا ما صدقته ، قال مخلد : وكان هو وهشام يصليان جميعا .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا محمد بن زكريا ، قال : أخبرنا صالح بن عمر خالي ، قال : كان الحسن يقعد مع أصحابه ، فلا يقوم حتى يختم منصور بن زاذان القرآن .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، قال : ثنا جعفر الفريابي ، قال : ثنا عباس ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : ثنا - شعبة ، عن هشام بن حسان ، قال : صليت إلى جنب منصور بن زاذان فيما بين المغرب والعشاء الآخرة ، فقرأ القرآن وبلغ بالثانية إلى النحل .

              حدثنا أبي ، قال : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قال : ثنا الحسن بن علي بن عياش ، قال : حدثنا يوسف بن يونس ، قال : حدثنا مخلد بن حسين ، قال : كان منصور بن زاذان يختم القرآن في كل يوم وليلة .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا سعيد بن عامر ، عن العلاء - جار له - قال : أتيت مسجد واسط فأذن المؤذن للظهر ، فجاء منصور بن زاذان فافتتح الصلاة فرأيته سجد إحدى عشرة سجدة قبل أن تقام الصلاة .

              حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، قال : ثنا أبو العباس السراج ، قال : ثنا محمد بن سعد بن إبراهيم الزهري ، قال : حدثني أحمد بن حاتم الطويل ، قال : ثنا شعيب بن حرب ، عن أبي عوانة ، قال : لو قيل لمنصور بن زاذان إنك ميت اليوم أو غدا ، ما كان عنده من مزيد .

              حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، قال : ثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري ، [ ص: 59 ] قال : ثنا الحارث بن شريح ، قال : سمعت هشيما ، يقول : لما مات منصور بن زادان ، قالت لي أم ولد له رومية : ما رأيت منصور بن زاذان اضطجع كما يضاجع الرجل أهله إلا مرتين : مرة حين ماتت أمه فإنه اضطجع تلك الليلة ، ومرة أصيب بابن له فإنه اضطجع تلك الليلة ، إنما كان قبل ذلك إذا كانت له حاجة لي قضاها ثم اغتسل .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني شريح ، قال : ثنا خلف بن خليفة ، عن منصور ، قال : الهم والحزن يزيد في الحسنات والأشر والبطر في السيئات .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثنا عبد الوهاب الخفاف ، قال : ثنا عثمان أبو سلمة ، عن منصور ، قال : نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى أهل النار بريحه ، فيقال له : ويلك ما كنت تعمل ؟ أما يكفينا ما نحن فيه من النتن حتى ابتلينا بك وبنتن ريحك ، فيقول : كنت عالما فلم أنتفع بعلمي .

              أسند منصور بن زاذان ، عن أنس رضي الله تعالى عنه ، وعامة حديثه عن الحسن وابن سيرين . وروى عن أبي قلابة ، وحميد بن هلال ، ومعاوية بن قرة ، وقتادة ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، وعبد الرحمن بن القاسم ، ونافع ، وميمون بن أبي شبيب ، والحارث العكلي ، وغيرهم .

              حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، قال : ثنا الحسن بن محمد بن حاتم بن عبيد ، قال : ثنا محمد بن صالح ، قال : ثنا بقية بن الوليد ، عن سلام بن عطية ، عن يزيد بن سنان الأموي ، قال : حدثني منصور بن زاذان وأخذ بيدي . فقال : يا أبا عمرو حدثني أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مجوس العرب وإن صلوا وصاموا " . يعني القدرية .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا علي بن عبد العزيز ، قال : ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ، قال : ثنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، عن عمران رضي الله تعالى عنه ، [ ص: 60 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " . ورواه عن الحسن أيضا ، عن أبي بكرة .

              حدثنا أحمد بن يعقوب بن المهرجان ، قال : ثنا الحسن بن علي العمري ، قال : ثنا إسماعيل بن موسى الفزاري وعبد الله بن عون ، قالا : ثنا هشيم ، عن منصور ، عن الحسن ، عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " . هكذا حدث به هشيم ببغداد ، عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه وبواسط ، عن عمران بن حصين .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثنا هشيم ، قال : ثنا منصور ، عن الحسن ، عن عمران : أن رجلا من الأنصار أعتق ستة مملوكين عند موته وليس له مال غيرهم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لقد هممت أن لا أصلي عليه ، ثم دعا بالرقيق فجزأهم ثلاثة أجزاء ، فأعتق اثنين وأرق أربعة " .

              حدثنا علي بن حميد الواسطي ، قال : ثنا أسلم بن سهل الواسطي ، قال : ثنا زكريا بن يحيى زحمويه ، قال : ثنا هشيم ، عن منصور ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جاءكم أهل اليمن هم أرق أفئدة ، الإيمان يمان والحكمة يمانية " .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، قال : ثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، قال : ثنا سلام بن سلم ، عن يزيد العمي ، عن منصور ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن قبائل العرب ؟ قال : فشغل عنهم يومئذ أو شغلوا عنه ، إلا أنهم سألوه عن ثلاث قبائل ، سألوه عن بني عامر ، فقال : " جمل أزهر يأكل من أطراف الشجر " ، وسألوه عن غطفان ، فقال : " زهرة تنبع ماء " ، وسألوه عن تميم فقال : " هضبة حمراء لا يضرهم من عاداهم " . قال : فقال الناس : فقال [ ص: 61 ] النبي صلى الله عليه وسلم : " مه ؟ أبى الله لبني تميم إلا خيرا هم ضخام الهام ، رجح الأحلام ، ثبت الأقدام ، أشد الناس قتالا للدجال ، وأنصار الحق في آخر الزمان " . غريب من حديث منصور تفرد به أبو النضر عن سلام .

              حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد البغدادي ، قال : ثنا الحسن بن سعيد التنوخي ، قال : ثنا عبد الله بن سليمان ، عن كثير بن سليم ، عن منصور بن زادان ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلق الله من صباح فيعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل ما يكون في آخر ذلك اليوم ; فيقسم الله تعالى فيه قوت كل دابة ، حتى إن الرجل ليجيء من أقصى الأرض وإن الشيطان بين عاتقيه ; فيقول له : اكذب بالحق ، فمنهم من يأكل رزقه بكذب وفجور فذلك الخاسر ، ومنهم من يأخذه ببر وتقوى فذلك الذي عزم الله تعالى على رشده " . غريب من حديث ابن سيرين لم يروه عنه إلا منصور وأيضا عبد الرحمن بن محمد المحاربي .

              حدثنا علي بن حميد الواسطي ، ثنا أسلم بن سهل ، ثنا سعيد بن إدريس ، ثنا هشيم ، عن منصور ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن يزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهما ، قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرجنا إلى الصلاة . صحيح مشهور من حديث قتادة ، غريب من حديث منصور تفرد به هشيم .

              حدثنا سعد بن محمد بن إبراهيم الناقد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبي ، قال : وجدت في كتاب أبي بخطه ، ثنا المستلم بن سعيد ، عن منصور بن زاذان ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " يخرج من تحت سدرة المنتهى أربعة أنهار ; اثنان باطنان واثنان ظاهران ، ورأيت ورق الشجرة كآذان الفيلة ، وحملها كقلال هجر " . حديث صحيح مشهور من حديث قتادة ، غريب من حديث منصور عنه لم نكتبه إلا من حديث ابن أبي شيبة .

              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، قال : ثنا أحمد بن عبد الرحمن الواسطي ، ثنا يزيد [ ص: 62 ] بن هارون ، ثنا المستلم بن سعيد الثقفي ، عن منصور بن زاذان ، عن معاوية بن قرة ، عن معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إني تزوجت امرأة ذات حسب ودين ومنصب إلا أنها لا تلد فنهاه ، ثم أتاه الثانية فنهاه ، ثم قال : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " . غريب من حديث منصور تفرد به المستلم .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ، ثنا يزيد بن هارون ، ثنا المستلم بن سعيد الثقفي ، عن منصور بن زاذان ، عن قرة بن معقل بن يسار ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العبادة في الفتنة كالهجرة إلي " . غريب من حديث منصور تفرد به المستلم .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا أبي ، قال : وجدت في كتاب أبي ، ثنا المستلم بن سعيد ، عن منصور ، عن الحارث العكلي ، عن أبي وائل أن رجلا قال لعبد الله بن عمر : إنما تحج ولا تغزو ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس ; شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت " . رواه سرور بن المغيرة ، عن منصور نحوه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية