حدثنا أبو بكر الآجري  ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي  ، ثنا إبراهيم بن   [ ص: 28 ] الخبير  ، ثنا عبد الله بن أبي بكر المقدمي  ، ثنا جعفر بن سليمان  ، ثنا عمر بن عبد الرحمن الصنعاني  ، قال : سمعت  وهب بن منبه  يقول : لقي رجل راهبا ، فقال : يا راهب ، كيف صلاتك ؟ قال الراهب : ما أحسب أحدا سمع بذكر الجنة والنار فأتى عليه ساعة لا يصلي فيها ، قال : فكيف ذكرك الموت ؟  قال :ما أرفع قدما ولا أضع أخرى إلا رأيت أني ميت ، قال الراهب : كيف صلاتك أيها الرجل ؟ قال : إني لأصلي وأبكي حتى ينبت العشب من دموع عيني ، قال الراهب : أما إنك إن بت تضحك وأنت معترف بخطيئتك خير لك من أن تبكي وأنت مراء بعملك  ؛ فإن المرائي لا يرفع له عمل ، فقال الرجل للراهب : فأوصني فإني أراك حكيما ، قال : ازهد في الدنيا ولا تنازع أهلها فيها ، وكن فيها كالنحلة  ؛ إذا أكلت أكلت طيبا ، وإن وضعت وضعت طيبا ، وإن رفعت على عود لم تكسره ، وانصح لله نصح الكلب لأهله يجيعونه ويطردونه ويضربونه ويأبى إلا أن ينصح لهم ، قال : فكان  وهب بن منبه  إذا ذكر هذا الحديث قال : واسوأتاه ، إذا كان الكلب أنصح لأهله منك لله   . 
حدثنا أبو بكر الآجري  ، ثنا عمرو بن أيوب السقطي  ، ثنا أبو همام  ، ثنا قبيصة  ، ثنا سفيان  ، عن رجل من أهل صنعاء   ، عن وهب  قال : مر رجل على راهب فقال : يا راهب ، كيف دأب نشاطك . فذكر مثله . 
حدثنا أبو علي محمد بن الحسن بن أحمد  ، ثنا  محمد بن عثمان بن أبي شيبة  ، ثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى  ، ثنا الصلت بن عاصم المرادي  ، عن أبيه ، عن وهب  ، قال : لما أهبط آدم  عليه السلام إلى الأرض استوحش لفقد أصوات الملائكة  ، فهبط عليه جبريل فقال : يا آدم  ، ألا أعلمك شيئا تنتفع به في الدنيا والآخرة ؟ قال : بلى . قال : قل : اللهم تمم لي النعمة حتى تهنئني المعيشة ، اللهم اختم لي بخير حتى لا تضرني ذنوبي ، اللهم اكفني مؤونة الدنيا وكل هول في القيامة   [ ص: 29 ] حتى تدخلني الجنة في عافية   . 
حدثنا سليمان بن أحمد  ، ثنا عبيد بن محمد الصنعاني  ، ثنا همام بن مسلمة بن قعنب بن همام  ، ثنا غوث بن جابر  ، ثنا عقيل بن معقل  ، سمعت عمي  وهب بن منبه  يقول : إن من حكمة الله عز وجل أن خلق الخلق مختلفا خلقه ومقاديره  ، فمنه خلق يدوم ما دامت الدنيا لا تنقصه الأيام ولا تهرمه ، ومنه خلق تنقصه الأيام وتهرمه وتبليه وتميته ، ومنه خلق لا يطعم ولا يرزق ، ومنه خلق يطعم ويرزق ، خلقه الله عز وجل وخلق معه رزقه ، ثم خلق الله تعالى من ذلك خلقا في البر وخلقا في البحر ، ثم جعل رزق ما خلق في البر من البر ، ورزق ما خلق في البحر من البحر ، ولا يصلح خلق البر في البحر ، ولا خلق البحر في البر ، ولا ينفع رزق دواب البحر دواب البر ، ولا رزق دواب البر دواب البحر ، إذا خرج ما في البحر إلى البر هلك ، وإذا دخل ما في البر إلى البحر هلك ، وفي ذلك من خلق الله في البر والبحر عبرة لمن قد أهمته قسمة الأرزاق والمعيشة ، فليعتبر ابن آدم  فيما قسم الله من الأرزاق أنه لا يكون فيها شيء إلا كما قسمه بين خلقه ، ولا يستطيع أحد أن يغيرها ولا أن يخلطها ، كما لا تستطيع دواب البر أن تعيش بأرزاق دواب البحر ولو تضطر إليه ماتت كلها ، ولا تستطيع دواب البحر أن تعيش بأرزاق دواب البر ولو تضطر إليه أهلكها ذلك كله ، فإذا استقرت كل دابة منها فيما رزقت أحياها ذلك وأصلحها . 
وكذلك ابن آدم  إذا استقر وقنع بقسمته من رزق الله أحياه ذلك وأصلحه ، وإذا تعاطى رزق غيره نقصه ذلك وضره   . 
حدثنا أبو بكر الآجري  ، ثنا عمرو بن أيوب  ، ثنا الحسن بن حماد  ، ثنا أبو أسامة  ، عن عيسى بن سنان  قال : سمعت وهبا  قال  لعطاء الخراساني    : كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم ، فكانوا لا يلتفتون إلى دنيا غيرهم ، وكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبة في علمهم ، فأصبح أهل العلم اليوم فينا يبذلون لأهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم ، وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعهم عندهم ، فإياك وأبواب   [ ص: 30 ] السلاطين ؛ فإن عند أبوابهم فتنا كمبارك الإبل ، لا تصيب من دنياهم شيئا إلا وأصابوا من دينك مثله ، ثم قال :يا عطاء  ، إن كان يغنيك ما يكفيك فكل عيشك يكفيك  ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء يكفيك ، إنما بطنك بحر من البحور ، وواد من الأودية ، لا يسعه إلا التراب   . 
حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم  ، ثنا محمد بن سهل بن عسكر  ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل  ، ثنا عبد الصمد بن معقل  ، أنه سمع  وهب بن منبه  يقول : لا يكون البطال من الحكماء  ، ولا يرث الزناة من ملكوت السماء   . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، وحدثني أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم  ، ثنا محمد بن سهل بن عسكر  ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل  ، حدثني عبد الصمد بن معقل  أنه سمع وهبا  يقول في موعظة له : هذا يوم عظيم ، يقال فيه بعسره : طويل ، يعظ اليوم السعيد ، ويستكثر من منافعه اللبيب ، يا ابن آدم  ، إنما جمعت من منافع هذا اليوم لدفع ضرر الجهالة عنك ، وإنما أوقدت فيه مصابيح الهدى ليته يجزيك ، فلم أر كاليوم ضل مع نوره متحيرا واعيا مروآت سقيم ، يا ابن آدم  ، إنه لا أقوى من خالق ، ولا أضعف من مخلوق ، ولا أقدر ممن طلبته في يده ، ولا أضعف ممن هو في يد طالبه ، يا ابن آدم  ، إنه قد ذهب منك ما لا يرجع إليك ، وأقام معك ما سيذهب ، فما الجزع مما لا بد منه ؟ وما الطمع فيما لا يرتجى ؟ وما الحيلة في بقاء ما سيذهب ؟ يا ابن آدم  ، أقصر عن طلب ما لا تدرك ، وعن تناول ما لا تناله  ، وعن ابتغاء ما لا يوجد ، واقطع الرجاء عنك كما قعدت بك الأشياء ، واعلم أنه رب مطلوب هو شر لطالبه ، يا ابن آدم  ، إنما الصبر عند المصيبة ، وأعظم المصيبة سوء الخلق منها  ، يا ابن آدم  ، وأي أيام الدهر يرتجى في غنم ، أو أي يوم تستأخر عاقبته عن أوان مجيئه ، فانظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام : يوم مضى لا ترجوه ، ويوم حضر لا تزيده ، ويوم يجيء لا تأمنه ، فأمس شاهد مقبول ، وأمين مود ، وحكيم   [ ص: 31 ] موارب قد فجعك بنفسه ، وخلف فيك حكمته ، واليوم صديق مودع كان طويل الغيبة ، وهو سريع الظعن ، أتاك ولم تأته ، وقد مضى قبله شاهد عدل ، فإن كان ما فيه لك فاشفعه بمثله أوثق باجتماع شهادتهما لك ، أو عليك ، يا ابن آدم  ، إنه لا أعظم رزية في عقله ممن ضيع اليقين وأخطأه العمل ، أيها الناس ، إنما البقاء بعد الفناء ، وقد خلقنا ولم نكن ، وسنبلى ثم نعود ، وإنما العواري اليوم والهبات غدا ، ألا وإنه قد تقارب منا سلب فاحش أو عطاء جزيل ، فاستصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه ، أيها الناس ، إنما أنتم في هذه الدنيا عرض تنتضل فيه المنايا ، وإنما أنتم فيه من دنياكم نهب للمصائب ، لا تتناولون فيها نعمة إلا بفراق أخرى ، ولا يستقبل منكم معمر يوما من عمره إلا بهدم آخر من أجله ، ولا يجدد له زيادة في أكله إلا بنفاذ ما قبله من رزقه ، ولا يحيا له أثر إلا مات له أثر ، فنسأل الله أن يبارك لنا ولكم فيما مضى من هذه العظة ، يا ابن آدم  ، إنما أهل الدنيا سفر لا يحلون عقدة الرحال إلا في غيرها ، وإنما يتباقون بالعواري ، فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم للمعاد ، يا ابن آدم  ، إنما الشيء من مثله ، وقد مضت قبلنا أصول نحن من فروعها ، فما بقاء الفرع بعد الأصل ؟ 
حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق  ، ثنا  محمد بن إسحاق السراج  ، ثنا  قتيبة بن سعيد  ، ثنا كثير بن هشام  ، ثنا جعفر بن برقان  ، عن  وهب بن منبه  ، أنه كان يقول : الإيمان قائد ، والعمل سائق ، والنفس حرون  ، إن فتر قائدها صدت عن الطريق ولم تستقم لسائقها ، وإن فتر سائقها حرنت ولم تتبع قائدها ، فإذا اجتمعا استقامت طوعا أو كرها ولا تستطيع أيدي إلا بالطوع والكره ، إن كان كلما كره الإنسان شيئا من دينه تركه أوشك أن لا يبقى معه من دينه شيء   . 
حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد  ، ثنا أبو بكر بن النعمان  ، ثنا محمد بن حازم  ، ثنا  محمد بن بشير  ، ثنا عطاء بن المبارك  ، عن أشرس  ، عن  وهب بن منبه  قال : قال   [ ص: 32 ] داود  عليه السلام : إلهي ، أين أجدك إذا طلبتك ؟ قال : عند المنكسرة قلوبهم من مخافتي    . 
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ممشاذ الفوال المعروف بالقنديل  ، ثنا محمد بن سمويه  ، ثنا سلمة بن شبيب  ، ثنا إبراهيم بن الحكم  ، حدثني أبي ، حدثني  وهب بن منبه  ، قال : إني لأجد في بعض كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : إن الله تعالى يقول : ما ترددت عن شيء قط ترددي عن قبض روح المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته  ، ولا بد له منه   . 
				
						
						
