المسألة الثالثة : الخوف المذكور في هذه الآية يمكن حمله على الخوف المعروف، وهو الإشفاق مما يكره وقوعه، ويمكن حمله على الظن؛ وذلك لأن الخوف حالة نفسانية مخصوصة، وسبب حصولها ظن أنه سيحدث مكروه في المستقبل ، وإطلاق اسم المعلول على العلة مجاز مشهور ، فلا جرم أطلق على هذا الظن اسم الخوف، وهذا مجاز مشهور ، فقد يقول الرجل لغيره : قد خرج غلامك بغير إذنك، فتقول : قد خفت ذلك ، على معنى ظننته وتوهمته، وأنشد الفراء :
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة تروي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفني في الفلاة فإنني
أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
ثم الذي يؤكد هذا التأويل قوله تعالى فيما بعد هذه الآية : ( فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ) .