المسألة السادسة : اختلفوا في فقال قدر ما يجوز وقوع الخلع به، الشعبي والزهري والحسن البصري وعطاء : لا يجوز أن يأخذ أكثر مما أعطاها، وهو قول وطاوس رضي الله عنه، قال علي بن أبي طالب : بل ما دون ما أعطاها حتى يكون الفضل له، وأما سائر الفقهاء فإنهم جوزوا المخالعة بالأزيد والأقل والمساوي، واحتج الأولون بالقرآن والخبر والقياس، أما القرآن فقوله تعالى : ( سعيد بن المسيب ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ) ، ثم قال بعد ذلك : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) ، فوجب أن يكون هذا راجعا إلى ما آتاها، وإذا كان كذلك لم يدخل في إباحة الله تعالى إلا قدر ما آتاها من المهر، وأما الخبر ، روينا أن ثابتا لما طلب من جميلة أن ترد عليه حديقته، فقالت جميلة : وأزيده. فقال صلى الله عليه وسلم : لا ، حديقته فقط . ولو كان الخلع بالزائد جائزا لما جاز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يمنعها منه، وأما القياس فهو أنه استباح بعضها، فلو أخذ منها أزيد مما دفع إليها لكان ذلك إجحافا بجانب المرأة وإلحاقا للضرر بها، وإنه غير جائز، وأما سائر الفقهاء فإنهم قالوا : الخلع عقد معاوضة، فوجب أن لا يتقيد بمقدار معين، فكما أن للمرأة أن لا ترضى عند النكاح إلا بالصداق الكثير، فكذا للزوج أن لا يرضى عند المخالعة إلا بالبدل الكثير، لا سيما وقد أظهرت الاستخفاف بالزوج، حيث أظهرت بغضه وكراهته، ويتأكد هذا بما روي أن عمر رضي الله عنه رفعت إليه امرأة ناشزة أمرها ، فأخذها عمر وحبسها في بيت الزبل ليلتين، ثم قال لها : كيف حالك؟ فقالت : ما بت أطيب من هاتين الليلتين. فقال عمر : اخلعها ولو بقرطها . والمراد اخلعها حتى بقرطها . وعن ابن عمر أنه جاءته امرأة قد اختلعت من زوجها بكل شيء وبكل ثوب عليها إلا درعها، فلم ينكر عليها .