المسألة العاشرة : احتج من قال : إن بقوله تعالى : ( الكفار ليسوا مخاطبين بفروع الشرائع والذين يتوفون منكم ) فقوله : ( منكم ) خطاب مع المؤمنين، فدل على أن الخطاب بهذه الفروع مختص بالمؤمنين فقط.
وجوابه : أن المؤمنين لما كانوا هم العاملين بذلك خصهم بالذكر ؛ كقوله : ( إنما أنت منذر من يخشاها ) [النازعات : 45] مع أنه كان منذرا للكل؛ لقوله تعالى : ( ليكون للعالمين نذيرا ) [الفرقان : 1].
وأما قوله تعالى : ( فإذا بلغن أجلهن ) فالمعنى إذا انقضت هذه المدة التي هي أجل العدة ( فلا جناح عليكم ) قيل : الخطاب مع الأولياء لأنهم الذين يتولون العقد، وقيل : الخطاب مع الحكام وصلحاء المسلمين؛ وذلك لأنهن عن ذلك إن قدر على المنع، فإن عجز وجب عليه أن يستعين بالسلطان؛ وذلك لأن المقصود من هذه العدة أنه لا يؤمن اشتمال فرجها على ماء زوجها الأول. وفي الآية وجه ثالث ، وهو أنه ( إن تزوجن في مدة العدة وجب على كل واحد منعهن لا جناح عليكم ) تقديره : لا جناح على النساء وعليكم، ثم قال : ( فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ) أي ما يحسن عقلا وشرعا ؛ لأنه ضد المنكر الذي لا يحسن، وذلك هو الحلال من التزوج إذا كان مستجمعا لشرائط الصحة، ثم ختم الآية بالتهديد، فقال : ( والله بما تعملون خبير ) .